تشرفت بإدارة الجلسة الثانية التي نظمها «مهرجان الدوحة الثقافي» (مساء الاثنين 3 الشهر الجاري) بشأن «مستقبل الديمقراطية في دول مجلس التعاون» ونوقشت خلالها التجارب السياسية نحو تفعيل الديمقراطية في عمان وقطر والكويت، وقدم الأوراق على التوالي أنور الرواس ويوسف عبيدان ومحمد الرميحي.
الرميحي قال إن الديمقراطية مثل «انفلونزا الطيور»، لأن كليهما معد، وينتشر بسرعة على مستوى العالم. وأشار إلى أن عدد الدول التي يتسم نظامها بالديمقراطية ازداد من 20 دولة (من أصل 80 دولة مستقلة) في العام 1950 إلى 40 دولة في العام 1974 (من أصل 150 دولة مستقلة)، إلى 120 دولة في وقتنا الحاضر من أصل 193 من الدول الأعضاء في الامم المتحدة. وقال إن الاستثناء من دول العالم هو بلدان الشرق الأوسط التي استطاعت أن تمنع الديمقراطية لحد الآن، ولكنها لم تستطع منع وصول انفلونزا الطيور!
أما في الخليج، فإن المجتمعات ليست منتجة، وإنما تعتمد على ريع النفط، ولذلك لا توجد فيها طبقة متوسطة بالمعنى الموجود في بلدان أخرى، بل ما هو موجود في الخليج هو «تجار البلاط»، وهؤلاء يعتمدون على المال الممنوح لهم من الفئات الحاكمة. أما الطبقات المتوسطة في المجتمعات الأخرى فقد حصلت على ثروتها بسبب إنتاجيتها وتراكم رأس المال، وبالتالي قادت تلك المجتمعات نحو العملية الديمقراطية. ووصف الديمقراطية - بشكل مجازي - بأنها نوعان، ديمقراطية التعبير، وهي أن الحكام يقولون لشعوبهم «قولوا ما تشاءون، ونفعل ما نشاء»، و«ديمقراطية التغيير»، وهي المشاركة الحقيقية في تداول السلطة والثروة.
وأضاف الرميحي أن الريع النفطي خلق معادلة سياسية في بلدان الخليج، يمكن تلخيصها على لسان حال الحكام وهي: «لا نسألكم ضرائب... ولا تسألونا حقوقاً»! وعليه طرح الرميحي سؤالاً ثم أجاب عليه: إذا كانت مجتمعاتنا لا تمتلك طبقة وسطى منتجة فهل يمكن أن نحقق الديمقراطية؟... وأجاب: «نعم بالإمكان ذلك، ولكن بشروط»، شارحا نظريته التي أطلق عليها مسمى «فائض التأثير العولمي».
«فائض التأثير العولمي»، بحسب الرميحي، تعني أن العالم الخارجي يحتاج إلى النفط، ونحن نحتاج إلى أسواقه، وان هذا العالم بدأ يفرض أنماطا محددة من العملية السياسية، وبالتالي فإننا نعيش ضمن بيئة معولمة، وتأثير هذه البيئة يفيض علينا أنماطا من العمل السياسي المتسم بالديمقراطية، وان بلداننا مضطرة على الأقل إلى مسايرة هذه البيئة المعولمة من خلال الأخذ ببعض المعالم الشكلية للديمقراطية.
وبما أننا ننعم بـ «فائض التأثير العولمي» فإن بالإمكان تحقيق الديمقراطية الفعلية فيما لو توافرت لدينا «نخب مستنيرة» تقود العمل الوطني، وأن تسعى هذه النخب لتقليل «ايديولوجيا الاستبداد داخل الفرد وداخل الأسرة وداخل المجتمع»، وأيضا تقليل أثر الناطقين باسم الدين الذين يحرمون الالتحاق بالعصر. ودلل على ذلك بمقولة لأحد شيوخ الإسلام الذي قال حديثا «هناك من يقدس الغرب حتى بعد أن تحطمت قيمه على جبال تورا بورا»!
وقال الرميحي إن الكويت التي لديها عملية تتسم بنوع من الديمقراطية على مدى 40 عاماً مازالت تعاني الكثير، إذ أصبح «النائب رهينة للناخب، والوزير رهينة للنائب، والجميع رهائن»، بحسب تعبير رئيس مجلس الأمة الكويتي، وهذا ما يفسر الشلل في جوانب عدة من الحياة العامة في الكويت
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1307 - الثلثاء 04 أبريل 2006م الموافق 05 ربيع الاول 1427هـ