توجه الطفل الذي لم يتجاوز العشر سنوات إلى أمه وعلامات الخوف بادية على وجهه وسألها: ما معنى (شغب)؟ فأجابته أمه: لا تعني شيئاً مخيفاً، فقط عندما يركض بعض الشباب في الشوارع ويصرخون وأحياناً يحرقون يأتي دور رجال الأمن فيطلقون رصاصاً في الهواء حتى يتفرق الشباب! فسألها سؤالاً آخر: ولماذا يفعل الشباب ذلك؟ فأجابته: لأسباب كثيرة يطول شرحها الآن.
وكأن الطفل لم يقتنع بجواب أمه، فسألها سؤالاً ثالثاً في تلك الليلة الطويلة التي كان فجرها رافضاً البزوغ ولماذا يحمل الشباب مسدسات؟ فأجابته الأم الحزينة: ومن أين لهم المسدسات وهم لا يمتلكون تصريحاً بذلك؟ ثم لماذا تصدق كل ما تسمعه؟
فتراجع قليلاً إلى الخلف، لكنه أصر على أن يسألها السؤال الرابع قبل مغادرته لزاوية من زوايا المنزل: وما الذي يفعله «مسيّل الدموع»؟ فاحتارت الأم في الإجابة، وقالت له: يُخرج رائحة كريهة وأحياناً يسبب اختناقاً فيتفرق الشباب ويعودون إلى منازلهم! وفي النهاية قررت الأم الخروج لشراء وجبة العشاء، وعندما عرضت على طفلها مصاحبتها، وهي تحاول إقناعه بأن الشوارع أمان، رفض الخروج معها وأخيه التوأم، مفضلاً البقاء في حضن جدته لإحساسه بالأمان أكثر، وخوفاً من رائحة مسيّل الدموع و«الشغب» والمروحية التي لم يختفِ صوتها إلا بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، إلى أن انفجر «سلندر» في تلك الليلة فزع منه الطفلان، فما كان من الأم إلا أن تقول: إنه صوت رعد
إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"العدد 1306 - الإثنين 03 أبريل 2006م الموافق 04 ربيع الاول 1427هـ