متابعة أخبار تطورات حادث العبارة السياحية البحرينية (البانوش) التي غرقت قبالة سواحل المحرق مساء الخميس الماضي هي ليست بالأمر السهل، إذ مازالت تتوافد أسر الضحايا على البحرين لتسلم جثث ذويها من مشرحة مجمع السلمانية الطبي وهي محمّلة على نعوش مختلفة الأحجام كل بحسب عاداته وطقوسه الدينية، جاءت من بقاع الأرض شرقاً وغرباً. ومنذ أمس الأول أقيم قداس على أرواح الضحايا في كنيسة القلب المقدس الكاثيلوكية، الواقعة في قلب المنامة، بينما عقدت مجالس عزاء متواضعة بحسب الطقوس والمعتقدات الهندوسية، إذ ودعوا الضحايا في جوّ حزين وذلك في باحة المعبد الهندوسي الواقع في سوق المنامة، الذي صاحبته هطول أمطار رعدية مفاجئة أغرقت الأحياء القديمة.
ملامح الحزن والصدمة اختلفت من جنسية إلى أخرى، هذا ما نقلته صور عدسات مصوري الصحف والوكالات العالمية، التي بدورها قالت أكثر من أسطر وجمل الأخبار، فهي تعبّر عن مدى ووقع هذه الكارثة التي حلت بمصير من فقد أباه أو أمه أو كليهما أو أخاه أو أخته أو عمه أو عمته، كل ذلك حدث في لحظة خاطفة أفجعت البحرينيين والعالم ككل.
هذا ليس مبالغة أو كلاماً إنشائياً نخطه، لكن الواقع يقول ذلك، وليس من المستغرب أن نجد أن من بين أهالي الضحايا من يذهب ويقاضي كارثة «الإهمال»... هذا ما وصفته إحدى الصديقات البريطانيات المقيمات في البحرين لي ولبعض الأصدقاء من البحرينيين، موضحة أن أطفالاً يتموا بسبب الإهمال والجهل بأبسط معايير الأمن والسلامة وذلك بحثاً عن الربح السريع... فقيمة وحياة الإنسان لا تعني كثيراً بالنسبة إلى هؤلاء وخصوصاً في ظل غياب القوانين وتطبيقها التي هي ملزمة لكل فرد.
أخبرتني هذه الصديقة أن بلادنا (البحرين) جزيرة وأنهم يقصدونها لأسباب كثيرة وعلى رأسها البحر الذي يستهويهم كثيراً، إلا أنهم لا يجدون السواحل المهيأة للسباحة عدا أحد فنادق الخمس نجوم، وآخر يحظى بساحل صغير جداً... لذلك، فكثير منهم يلجأ إلى الرحلات البحرية أو الذهاب إلى السواحل الجنوبية التي لم تتلوث بعد، القريبة من مشروع درة البحرين.
وتوضح أن ممارسة الأنشطة البحرية بمعناها الحقيقي محدود في البحرين، مقارنة بما هو متوافر في دولة خليجية جارة.
نسرد بعضاً من كلام الأجانب المقيمين في البحرين، ونتساءل: هل ستنزل أقصى العقوبات بصاحب العبارة، الذي هو المسئول الرئيسي عن هذا الحادث؟ أم سننتظر لنحاكم القبطان أو بالأحرى البحار الآسيوي الذي هو عبدٌ مأمور ونجعله في قفص الاتهام، ونترك الأطراف الأخرى المشتركة، وعلى رأسها إدارة السياحة بوزارة الإعلام والإدارة العامة بخفر السواحل؟
فجميعهم اشتركوا في هذه الكارثة الإنسانية، فالكفارة في هذه الحال لن تنفع بل العقاب
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1306 - الإثنين 03 أبريل 2006م الموافق 04 ربيع الاول 1427هـ