في يوم الخميس 9 مارس/ آذار... أي قبل غرق البانوش السياحي (الدانة) بثلاثة أسابيع بالضبط... حضر مسئول في وزارة الإعلام حفل تدشين وافتتاح هذا المطعم السياحي العائم... وطبعاً بعد الافتتاح قدمت لسعادة المسئول المأكولات البحرية الطازجة، ثم أخذ في جولة بحرية شيقة طاف به البانوش حول معالم جزر البحرين في يوم مشمس وهادئ...
وطبعاً أيضاً أن سعادة المسئول كان قد اختار بنفسه هذا اليوم الذي هو من أيام الإجازة الأسبوعية حتى يأخذ راحته في الغداء... وفي الرحلة البحرية الشيقة... ولم ينس أن يأخذ معه عدداً من المرافقين الشخصيين والإعلاميين والمصورين حتى يكتمل تصويره وهو متمنطق بالبشت العربي... ثم تنشر صوره في اليوم التالي وفي جميع الصحف...
نحن جميعاً شاهدنا هذه الصور في اليوم التالي... وقرأنا عن الرحلة السياحية التي تم شرحها بواسطة بعض الأقلام التي دعيت لمرافقة سعادة المسئول... وأنا أحمد الله على أنهم لم يقدموا لي الدعوة لحضور هذا الغداء الرسمي المجاني... لأنه من رابع المستحيلات أن أحضر حفل غداء في سفينة سياحية تجوب عرض البحر، وفي يوم من أيام الإجازة الأسبوعية، وأنا لابس بشت...
طيب... نحن جميعاً نعرف بأن بعض مسئولي وزارة الإعلام كانوا يعملون سابقاً في إدارة الموانئ والجمارك... أحدهم دارس في أحسن الجامعات، ومتمرس، ولديه الكثير من الخبرة... ونحن نعرف بأن بانوش الدانة كان قد صنع في الخارج على أساس سفينة... ونحن نعرف بأن مجموعة من النجارين ربما أوكل لهم مهمة عمل المطعم وإغلاقه بالكامل بواسطة الزجاج السميك والمقاوم... ونعرف اشياء كثيرة...
إذا كنا جميعاً نعرف كل ذلك الذي ذكرته ونحن غير متمرسين في أعمال البحر والإبحار... فلماذا لم ينتبه لها مسئول وزارة الإعلام؟ وهناك سؤال أكبر يحيرني: كيف يفتتح مسئول حكومي مطعماً عائماً على سفينة غير مرخصة، وغير مؤمنة، ثم يسمح لهم بالإبحار وأخذه في جولة بحرية ومعه مجموعة من الناس؟
كيف سمح لهم بذلك، ثم يأتي أحدهم ويعلن بأن التصريح الذي كان قد صدر لأصحاب البانوش على أساس أنه فقط مطعم سياحي عائم وليس متحرك؟ كيف يعني؟ كيف يسمح لبانوش عليه إضافات بالإبحار، ومن ضمن المسئولين الربان المتمرس في عمله؟ وكيف يريدوننا أن نصدق بأنه ووزارات الدولة غير مسئولين عن هذه الكارثة؟ ألا يعني هذا بأنهم يتهربون من المسئولية الواضحة وضوح الشمس عليه؟
هذا من جانب التصريحات الصادرة من وزارة الإعلام... أما التصريحات الأخرى والصادرة من قبل قيادة خفر السواحل فهي بكل تأكيد من نوعية (المضحك المبكي)... فكيف يقول أحد أفراد خفر السواحل إن إدارته طلبت ومنذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي من مالك البانوش أن يؤمن عليه، وهو يعلم بأن البانوش تم افتتاحه من قبل مسئولي وزارة الإعلام في 9 مارس الماضي وبعد ذلك بدأت رحلاته السياحية اليومية؟ ألا يقرأ الجرائد والإعلانات الرسمية الصادرة في البحرين؟
أين كان خفر السواحل وجميع سفنه في الفترة التي كان يبحر فيها البانوش يومياً ثلاث مرات وهو محمل بالسياح الأبرياء؟ وكيف يقول المسئول إن جميع رحلات الإبحار غير رسمية مع أن رحلة الافتتاح كانت قد نشرت في الصحف الصادرة في البحرين؟ وكيف يقول إن خفر السواحل لم يسمحوا للبانوش بالإبحار مع أنه يبحر يومياً ويمر من أمام قاعدتهم الرئيسية؟ وكيف يقول إنه لو صادفته دورية لأوقفته، وأين هم دورياتهم مع أن المرسى لهذا البانوش مقابل لقاعدة خفر السواحل، ولا يبعد عنها بأكثر من ميل؟
السؤال الرئيسي الآن... والذي نقدمه للعقول النيرة... لو كان هناك مسئولون بهكذا مواصفات في إحدى الدول المتقدمة هل يتم تقديمهم للمحاكمة أو على الأقل يحاسبون... أم يتركون في حال سبيلهم؟
المشكلة التي وقعنا فيها أن جميع الضحايا أجانب... وهم كانوا مواطنين لدول تحترم مواطنيها..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1305 - الأحد 02 أبريل 2006م الموافق 03 ربيع الاول 1427هـ