العدد 1304 - السبت 01 أبريل 2006م الموافق 02 ربيع الاول 1427هـ

لبنان بين الدولة وأمراء الطوائف

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

يتحدث الرئيس الأميركي كل يوم عن المنطقة بما يشبه التهديد المبطن، ويوزع الاتهامات على سورية بدعوى تدخلها السلبي ضد الديمقراطية في لبنان من خلال مخابراتها التي لا تزال حسب زعمه باقية هناك، في الوقت الذي يرسم فيه علامات الاستفهام في تعاونها مع لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري، مع تأكيدها أكثر من مرة بأنها مستعدة للتعاون بأقصى الحدود... ونحن نتساءل عن المخابرات الأميركية الموجودة في لبنان، والتي تعبث بأوضاعه السياسية في تحركات سفارته التي تثير المشكلات فيه بطريقة وبأخرى. بوش يتباكى على الشعب الفلسطيني المعذَّب في معاناته، دون إشارة إلى الاحتلال الذي هو السبب في عذابه! الرئيس بوش الذي أدمن الكذب في حركته السياسية والعسكرية منذ الحديث عن أسلحة الدمار الشامل لتبرير احتلاله للعراق، واتهامه فصائل الانتفاضة بالإرهاب وسورية وإيران بدعمه... إنه يكذب على شعبه كما يكذب على العالم. وفي الوقت الذي يعترف بأن الانتخابات الفلسطينية نزيهة يرفض النتيجة الديمقراطية في تأييد حركة حماس، ما يفضح الكذبة الأميركية الكبرى في مشروع نشر الديمقراطية في العالم.

أما في العراق، فقد أراد الاحتلال الأميركي من خلال المجزرة الوحشية الدامية في حسينية المصطفى، أن يقول للعراقيين: إنكم لستم الأحرار في رسم سياستكم أو في تقرير مصيركم وبناء بلدكم الحر والموحد والمستقل. ويلعب على الوتر المذهبي الطائفي في إثارة الحساسيات من خلال تصريحات بوش وسفيره في بغداد. أما حديثه عن حكومة وحدة وطنية، فإنه يحدد للحكومة برنامجها على صورة الخضوع لسياسته العابثة بكل قضايا العراقيين. لقد دمّر العراق باسم إسقاط الطغيان، وأثار فيه الفوضى باسم الديمقراطية. أما القمة العربية، فقد حفظت للمقاومة حقها الذي يمثل نبض الشارع العربي، إلا أنها لم تملك أن تقول كلمة «لا» بوجه «إسرائيل» وأميركا إذ إن لاءات قمة الخرطوم السابقة، سقطت من قاموس القادة العرب الذين أدمنوا ترداد كلمة «نعم» لحساب أميركا التي تريد لثقافة الهزيمة أن تفرض نفسها على الواقع العربي والإسلامي، حتى في زمن المقاومة في لبنان والانتفاضة في فلسطين.

أما لبنان، فلا يزال يتحرك في الفوضى السياسية تحت عناوين الحوار والإصلاح، في سجالات متنوعة تشبه لعبة الأطفال وإبقاء البلد في حالة جمود قاتل في قضاياه الاقتصادية والمالية والأمنية، وفي سياسته الدفاعية التي لم ترسم أية آلية لتحرير الأرض المتبقية تحت الاحتلال، ولمواجهة الخطر الإسرائيلي الذي لا يزال يذكر اللبنانيين يومياً بالحالة العدوانية في عملية عرض العضلات في الجو والبر والبحر، في الوقت الذي لا يزال بعض المسئولين اللبنانيين يناقشون شرعية سلاح المقاومة ويؤكدون الخطة الأميركية الإسرائيلية في تأمين العدو الإسرائيلي من موقع القوة اللبناني، ليستعيدوا شعار «قوة لبنان في ضعفه»، لأنهم يخافون من أن يأخذوا بأسباب القوة، ليبقى لبنان مستباحاً للذين يريدون استغلاله. المقاومة هي التي أعطت لبنان استقلاله الحقيقي وشرفه وقوته وفاعليته في عالم عربي مهزوم، ولذلك فإن الشعوب العربية والإسلامية تقف مع عنفوان المقاومة التي بدأ بعض اللبنانيين يتنكرون لها في بعض خطابهم السياسي... إننا نتساءل: هل هناك دولة في لبنان، أو أن لبنان يمثل أشخاصاً من بقايا أمراء الحرب وأمراء الطوائف، ليبقى الشعب اللبناني في المتاهات التي يدفعونه إليها؟

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1304 - السبت 01 أبريل 2006م الموافق 02 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً