جميع الحوادث الواردة في هذه الحكايات حقيقية، حصلت أو مازالت تحصل لأشخاص يروون لنا تجاربهم بأسماء مستعارة...
انطلاقاً من المقال السابق، سأحكي لكم اليوم حكاية زميلة لنا، وكيف أثرت ظروف العمل على نفسيتها، وبالتالي على شخصيتها، فجعلت منها إنسانة أخرى بعد أن أصبحت ممرضة!
عملت ريحانة منذ تخرجها في أحد الأجنحة في السلمانية، وكانت شعلة نشاط... متحمسة، متعاونة مع الزميلات، مستعدة دائماً لتنمية مهاراتها واكتساب مهارات جديدة. كانت تسمع زميلاتها الأقدم يتذمرن من جداول النوبات، ومن ازدحام حياتهن واكتظاظها بالمسئوليات. يتساءلن ساخطات كيف توزع جداول النوبات بهذا الشكل الذي «لولا أن التنفس وظيفة جسدية لا إرادية» لما وجدت إحداهن وقتاً للتنفس، ولمتن «خنقا» في ازدحام حياتهن. ريحـانة لم تكن تعانـي - آنذاك - إلا من شيء واحد هو مقر إقامتها في مدينة حمد، وخصوصا أنها لا تجد في القيادة أية متعة. عدا ذلك، فقد كان قلبها رحباً دائماً تتفهم ظروف العمل التي مهدت لها نفسها منذ كانت طالبة متدربة، وأقسمت على احترامها يوم تخرجها وفاء بتعهداتها كملاك للرحمة. كانت تعتبر تذمرات زميلاتها مبالغاً فيها.
وكان يثير سخطها ويضايقها أن تسمعهن يخططن (بصوت عال) للإجازة الطبية (التمارض): في هذا اليوم (لأنني طلبت إجازة ولم يلب لي طلبي)، وفي ذاك (لأنني لا استطيع العمل بعد إجازة يوم واحد فقط من إنهائي نوبة الليل) وفي ذلك (لأنني لن أعمل كل يوم عطلة رسمية)... وهكذا. كانت تشعر بأن في ذلك الكثير من الأنانية. إنه عمل «لا أخلاقي»... «عيب». يجب ألا يصدر من ممرضة، من «ملاك»... في الكثير من المرات صادف أن يكون يوم «تمارض» زميلة لـها هو يوم إجازتها، خططت فيه لزيارة صديقة قديمة أو لنـزهة عائلية.
بمناداتها للعمل تضطر إلى تأجيل الزيارة أو إلغاء النـزهة... استبد بها الغضب ذات مرة، وقررت مفاتحة زميلاتها بهذا الأمر، ثم خجلت لأنهن أقدم منها... وبعد حين، شعرت بأن الأمر أصغر من أن يستحق الخوض فيه... فهذه - على أية حال - ضريبة من ضرائب العمل في حقل التمريض.
مر العام الأول، وريحانة لاتزال حملاً وديعـاً. ثم بدأت تلاحظ أن جدول نوباتها يسبب لها الضغوط بتوزيعه غير العادل. مثلاً: السبت، الأحد، الاثنين نوبة صباحية. الثلثاء، الأربعاء، الخميس نوبة ليلية (هذه ستة أيام متواصلة بلا إجازة)، الجمعـة: إجازة بعد نوبة الليل، ثم في السبت المقبل تعود للعمل نهاراً يومين متواصلين، ثم نوبة المساء (أول ليل) يومين... من نظرة، يبدو الجدول موزعاً بطريقة لا بأس بها، لكن اختبار التعايش واقعياً مع جدول كهذا صعب للغاية... (تذكروا توقيت بدء النوبات وانتهائها المذكور في المقال سابق النشر). حضرت ريحانة كل نوباتها لكنها شعرت - بتواصل العمل - بأن جسدها مرهق، من دون أن تعرف السبب. حين راجعت جدول نوباتها اكتشفت أنها - باستثناء يوم الإجازة الوحيد بعد آخر الليل - لم تحصل على أية راحة. إنها تعمل منذ أحد عشر يوماً بشكل متواصل!... «هذه أيضاً ضريبة عمل لا تدعو إلى الاحتجاج...»!
بعد عام، تزوجت ريحانة، وسكنت في مكان قريب من السلمانية اختصاراً للمسافة. ثم جاء العام التالي مخبئاً لريحانة هدية الأمومة... وبما أنها تستأجر وأسرتها شقة صغيرة ليس بها مكان لكائن رابع (خادمة) فقد اضطرت إلى ترك طفلها في رعاية أمها بعد إنهائها إجازة الولادة وعودتها للدوام. أصبحت تستيقظ في الصباح «قبل العصافير» لتطير إلى مدينة حمد... توقظ بخجل أمها من عز النوم... تؤدي واجبها في الجناح وتعود لبيتها ظهراً بلا غداء. تنام. وتستيقظ عند المغرب لتذهب لابنها. وفي اليوم التالي (إن كانت تعمل نهاراً أيضاً) تكرر الشيء نفسه.
ريحانة تفتقد ابنها. لا تراه كثيراً. لا تلاعبه. لا تشعر بحلاوة أمومتها له... يملؤها شعوران يمارسان عليها جلداً نفسياً: أولهما الإحساس بالذنب لإهمالها أمومتها، وثانيهما السخط والنقمة من تفاصيل ومتاعب الوظيفة. تشعر بأنها غير قادرة على التحرر من قيود الضمير الثقيلة ولا هي قادرة على تحسين الأوضاع قليلاً. ومن هي لتفعل ذلك؟!
أصبحت تخفف عن نفسها الضغوط بالأحلام (كما درست في مقرر التمريض النفسي!). تحلم بأنها حين تصبح «صاحبة القرار» ستنشئ روضة أطفال وحضانة بقرب كل مستشفى وتوظف الشـابات - بنظام نوبات مثلها هي - لترعن أبناء الممرضات حين ترعى الممرضات أبناء الآخرين... سمعت أن الدول المتحضرة توفر للممرضات هذه الخدمة...
ريحانة تتساءل من سيهتم بابنها حين يلتحق بالروضة؟ من سينتظره حتى يركب حافلة الروضة إن كانت تبدأ دوامها قبل السادسة والنصف؟ ومن سيفتح له الباب حين يعود من روضته إن كانت هي تنهي دوامها النهاري في الثالثة؟ من سيحضر له غداءه؟ وإن جاءتها خادمة فأين ستؤويها والشقة تضيق براشدين وطفل؟!...
يوما بعد يوم... بدأت ريحانة تشعر بالإرهاق... بالتكاسل. أحياناً يبلغ شعورها حد «الكراهية»! لكنها لم تكن تتغيب. إنها ترفض رفضاً قاطعاً أن تنسب إليها تلك الصفة. إنها تكتفي بالتعبير عن استيائها من تنظيم جدول نوباتها بتذمر خافت... بدأت تكرر - مثل زميلاتها - القول إن يوم الإجازة بعد نوبة الليل لا يستحق لقب «إجازة». وأصبحت تتعاطف مع زميلاتها وتعذرهن. ثم تطورت... فأصبحت تساءل مسئولتها بخصوص توزيع دوامها حين يكون مرهقاً لها. تقول لـها: «لماذا وزعت دوامي بهذا الشكل؟» فتجيبها «هذا ما حصل»!... وكأن جدول النوبات أعد نفسه بنفسه!
القشة التي قصمت ظهر البعير، كانت يوم اضطرت ريحانة إلى التغيب بسبب مرض طفلها ورفضت مسئولتها التعاون معها باعتبار اليوم الذي تغيبت فيه إجازة سنوية لأنها لم تحضر شهادة طبية من المركز الصحي! كانت ريحانة واثقة من تعاون مسئولتها وشفيعها تاريخها «النظيف» في الالتزام بدوامها والحضور حين حاجة الجناح إلى خدمتها. بدا رفض مسئولتها التعاون معها مهيناً. ومن يومها اتخذت ريحانة قرارها... فتمردت!... أصبحت تعلن غضبها، وسخطها وعدم رضاها عن جدولها. بل أصبحت عصبية جداً في كل الأمور. وتعلمت - مثل غيرها - فن «الإجازة المرضية»... وخصوصاً حين يقر لها يوم واحد فقط كإجازة بعد آخر الليل فإنها تتخذ اليوم التالي - بلا جدال - إجازة مرضية. وما يثير الاستغراب أنهم لا يعجزون عن تدبر الأمور حين تتمارض ويلقون لها بديلاً بسرعة، فكيف ولماذا لا يمكنهم فعل الشيء ذاته منذ البدء بإعداد الجدول أصلاً؟!
أراحت ريحانة ضميرها من عذابه! ولم تعد تحضر كلما نوديت، وإن «راقها» الحضور فإنها تشترط بدلا من حضورها شيئاً تعتبره ترضية، كأن تحدد يوم الإجازة الذي تريده تعويضاً، أو أن تطلب وقتاً إضافياً للعطل. وهكذا...
ودعت ريحانة الطيبة والوداعة، وأصبحت لبؤة. ودعت البراءة وبدأت عهد «الشيطنة»... وظهر لها أخيراً لسان، ونبتت لها أسنان... وأظافر، تطول يوماً بعد يوم ولا تفكر في تقليمها...
أصبحت لديها... «مخالب»!
ممرضة
أرفع ندائي هذا من خلال هذا الباب إلى المعنيين في وزارة العدل راجياً ملتمساً النظر في أمري بعين العطف والاهتمام والرعاية، إذ إني مواطن بحريني كنت موظفاً لدى إحدى المؤسسات وبراتب جيد وقد أجبرتني ظروف خارجة عن إرادتي على الاقتراض من أحد المصارف ومنها أن بيتي احترق بالكامل ولم يساعدني أحد في البناء والترميم وأنا صاحب أسرة كبيرة فاضطررت إلى هذا القرض وبعد أن ازدادت علي الديون المتراكمة اضطررت إلى الاستقالة من عملي للوفاء بهذه الدين من دون أن أكون ملماً بنظام التقاعد وقد فوجئت بقرار إحالتي إلى التقاعد المبكر من قبل الهيئة العامة لصندوق التقاعد وذلك بحسب تاريخ الميلاد المبين في البطاقة السكانية وبراتب قدره 150 ديناراً فأصبحت نتيجة ذلك غير قادر بتاتاً على تسديد هذا الدين بالإضافة إلى المصاريف المعيشية الأخرى وإذ إني أمر بظروف صعبة جداً أنا وعائلتي لهذا ألتمس وأناشد المعنيين مساعدتي تقديراً لظروفي بتأخير إجراءات محكمة التنفيذ وإيقاف أوامر القبض لهذه القضية إلى حين حصولي على عمل أو أوفق في مشروع ليكون لي دخل أستطيع به أن أوفي بهذا الدين ولمدة محددة. وأكرر مرة أخرى رجائي والتماسي بخصوص هذا الموضوع لأني فعلاً أعيش ظروفا قاسية جداً... (رقم ملف القضية - 2004/ 4387/ 5).
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
نتوجه نحن مجموعة طلبة قسم تقنية المعلومات بهذا النداء العاجل إلى مسئولي جامعة البحرين. هناك الكثير من المقررات المطروحة لتخصص «نظم المعلومات الإدارية» يطلق عليها اسم «مقررات الإعدام»! إذ صعوبتها وقلة الأساتذة لشرحها تعدان من أهم العوامل إما لرسوب الطلبة أو إحراز درجات مخزية فيها.
الطلبة ان مقرر 102 سشة ومقرر 251 سةشة هما أصعب المقررات حالياً، وذلك بسبب الامتحانات التعجيزية في كل فصل دراسي وقلة الأساتذة المؤهلين لشرح موادهما، فهناك بعض الأساتذة الرائعين الذين ينقض عليهم غالبية الطلبة في وقت التسجيل «الحذف والإضافة» للجدول الدراسي، وهناك البعض الآخر الذي يتأفف منه الطلبة. إذ ان بعض الأساتذة حديثو العهد التدريس بالجامعة، إلا أن جدولهم حافل بالمقررات الصعبة والتي تحتاج إلى جهود أكبر لشرحها.
كثيراً ما يضطر أي قسم من أقسام الجامعة وخصوصاً قسم الـ سة والـ س والـ إلى عمل ذص ضزص لدرجات الطلبة والطالبات في نهاية كل فصل دراسي!
وهنا يمكن السؤال: لِمَ نرى الكثير من الأساتذة من غير البحرينيين في جامعة يدرسون مثل هذه المواد؟ ألا يوجد كادر بحريني مؤهل للتدريس؟
لذالك ما نتمناه يا جامعة البحرين هو تسجيل هذه المقررات والرحمة في تقييم الدرجات جزاكم الله خيراً ورفع حسناتكم في ميزان أعمالكم.
طلاب من كلية تقنية المعلومات
إن من أشد الأمور التي يبتلي بها الخالق عبده المرض، فما بالكم إن كان هذا المرض من الأمراض الفتاكة التي لم يعرف لها علاج إلى الآن؟!... ولكن، مع ذلك يبقى على الإنسان السعي وراء لمحة الأمل التي سيلاقي عليها الجزاء من الله سبحانه وتعالى لعدم يأس عبده من رحمته... هذا الجزاء الخير أبى صاحبه أن يستأثر به لنفسه فقط، ليس لشيء إلا لضيق ذات يده، فحمل على نفسه طلب العون ممن شهدت أيديهم الكرم دوما... فوجه هذا النداء:
إخواني في الله... إيمانا مني بقضاء الله وقدره، وبعد الفحوصات والتحاليل الطبية التي خضعت لها، تبين أني مصاب بمرض خبيث - والعياذ بالله - خضعت إثره لشتى أنواع العلاجات المتوافرة والمتاحة في مجمع السلمانية الطبي لكن من دون فائدة (التقارير المرفقة تشهد بذلك).
وبعد سنة من المعاناة المريرة من دون فائدة، سعيت إلى البحث عن علاج آخر في الخارج... وفعلا وجدته في ألمانيا وبنسبة ضمان لا تقل عن 80 في المئة، وأنتم أعلم بأن العلاج في الخارج يتطلب كلفة باهظة أجد نفسي عاجزاً عن توفيرها وأنا بهذه الحال وظروفي المادية القاصرة.
ومن هنا ارتأيت أن أوجه ندائي إلى أهل الكرم في بلد الكرم لمساعدتي، فهم أهل لفعل الخير وصنع المعروف، ويجعله الله في ميزان حسناتكم.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
ها هو عام كامل يمر على زيارة وزير الأشغال والاسكان لمجمع 460 بمنطقة كرانة اثر توجيهات من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للوقوف على احتياجات المنطقة ومعالجتها لكن وكأن شيئاً لم يكن، فلا تمت إنارة المنطقة ولا عبدت طرقاتها وبقيت، كما هي تماماً قبل عام عدا سكون الجعجعة التي لم تخلف طحينا كنا نأمل أن نجمعه!
إننا لا نبالغ إذا قلنا اننا نعيش حظر تجوال أثناء الليل فبمجرد أن يعسعس الظلام ويلقي بسدوله تصبح طرقاتنا ولاسيما الرئيسي منها رقم 6042 وكذلك 6058 مهجورة فتعيث الحيوانات السائبة والزواحف والخفافيش فيها فساداً وتسرح وتمرح بكل حرية واطمئنان.
أليس من حقنا كغيرنا الاستمتاع بأجواء الليل الكلاسيكية؟ أليس من حقنا الشعور بالطمأنينة والأمان أثناء سلوكنا هذه الطرقات؟ متى سيعمل المسئولون على رفع معاناتنا وها هو عام كامل قد مضى ولم نر بصيص أمل في الأفق؟ هذه شجوننا نرفعها الى المسئولين في المملكة آملين أن يبادروا إلى تضميد جروحنا وحل مشكلاتنا لا أن يصبرونا بتخديرنا أو يوعزوا إلى مكاتب العلاقات بوزاراتهم الرد علينا بما لا يسمن ولا يغني من جوع، فالطحين بغير الجعجعة مطلبنا.
عن أهالي المنطقة
ابراهيم أحمد حسن
العدد 1304 - السبت 01 أبريل 2006م الموافق 02 ربيع الاول 1427هـ