صديقي النائب العام... أنا أعرف بأنك اسم كبير، ومن عائلة كبيرة ومحترمة... وأعرف أنك إنسان صادق، وتتمتع بقدر كبير من الأخلاق الحميدة... وأعرف أن الذي بيننا هو الكثير من الاحترام المتبادل... لذلك أنا أكتب لك اليوم رسالة يوجد فيها طلب شخصي، وأرجو أن يتسع قلبكم لها... وتنظروا لها من الناحية الأبوية والتي دائماً ما ينظر بها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة المعظم ملك مملكة البحرين حفظه الله، تجاه أبنائه الطلبة ومحاولة دفعهم للانتظام في الدراسة، وزيادة تحصيلهم العلمي...
سعادة النائب العام... توجد هناك عائلة بحرينية أصيلة وتسكن جزيرة المحرق منذ قديم الزمان، وهي من العوائل التي دائماً ما يكون لها الكثير من المواقف المشرفة تجاه البحرين وتجاه أولياء الأمر... هذه العائلة المحرقية الأصيلة يوجد لديها ابن يبلغ التاسعة عشرة سنة فقط، وهو طالب في الصف التوجيهي، ولم يتمكن من متابعة دروسه بسبب وجوده في سجن بمدينة الحد منذ تاريخ 11 مارس/ آذار وحتى الآن... والاحتمال الكبير أن يتواصل سجنه حتى تاريخ 17 ابريل/ نيسان الجاري... وهو اليوم الذي ستعقد المحكمة للنظر في قضيته.
التهمة الملقاة على هذا الشاب المراهق هي السرقة من شخص أجنبي... في الشارع وفي وضح النهار... وتم استدعاؤه إلى النيابة للتحقيق بعد أن تقدم هذا الأجنبي بالشكوى ضده، ثم أودع السجن في اليوم نفسه على ذمة التحقيق... وكلما انتهت فترة من التوقيف ابتدأت واحدة أخرى... فقط بناء على دعوى ضعيفة وهشة، وحتى صاحب الدعوى كان قد قدم تنازلاً خطياً عنها بعدما عرف بالأساليب القاسية والمتبعة من قبل أناس... الله يهديهم...
والآن هذا الولد الصغير... الذي هو في الصف التوجيهي... موجود في السجن لمدة عشرين يوماً، ومن المحتمل أن تصل إلى أربعين يوماً هي من المدة المحسوبة في الدراسة... من دون حتى النظر في قضيته... ومن دون حتى مراعاة لوالدته وأسرته... وهو مضرب عن الطعام، وحاله الصحي يسوء كل يوم... فقط لأن أجنبياً اشتكى عليه... فهل يجوز هذا؟...
وإذا كان هذا الولد هو ابن لعائلة كبيرة ومعروفة ومستقرة في البحرين، ولها العنوان الدائم... وإذا كانت التهمة المنسوبة إليه هي جنحة وليست جريمة خطيرة، وهو ليس قاتلاً أو مسجل خطر على المجتمع... وإذا كان والده مستعداً لكفالته، وكفالة حضوره إلى المحكمة في يوم نظر القضية... وإذا كانت البحرين جزيرة يحيط بها البحر من كل جانب ومنافذها معروفة ومحروسة... فلماذا يستمر حبس هذا الصبي المراهق وتعطيله عن الدراسة حتي يحين يوم المحاكمة ؟...
سعادة النائب العام... أنا لا أطلب هنا تجاوزاً في تطبيق القوانين، ولا حتى أهل هذا الصبي لا يطلبون ذلك أيضاً... ولكن المطلوب فقط هو تطبيق النظام والقوانين الدولية التي تقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته... ونحن فقط لا نريد أن يكون التطبيق معكوساً في مملكتنا التي تعتبر من مصاف الدول المتحضرة... ولا نريد لهذا الصبي أن يكون معتبراً من جهازكم النيابي مذنباً حتي يثبت لديكم أنه بريء من هذه التهمة.
في الدول المتقدمة لا يسجن شخص إلا بأمر المحكمة... وهناك نوعان من أوامر دخول السجن، نوع ثابت وتصدره المحكمة المختصة بعد النظر في القضية وسماع الإدعاء والدفاع والشهود ومراجعة جميع البينات والأدلة، ونوع آخر يصدره قاضي التحقيق ويصدر معه نوعية الكفالة وقدرها، وترفض الكفالة إذا تقدمت النيابة بأدلة تقنع القاضي بأن خروج المتهم من السجن يعتبر فيه الكثير من الخطورة على المجتمع...
ولكن في القضية المبتلى بها الآن هذا الصبي، ما هي أوجه خطورته على المجتمع الذي ترفض فيها النيابة العامة كفالة الأب؟... ولماذا يرفض المسئولون لديكم حتى مقابلة هذا الأب المكلوم وسماع وجهة نظره ؟... ولماذا بالأصل يحجز قاضي التحقيق صبياً في التاسعة عشر من عمره لمدة أربعين يوماً انتظاراً لمحاكمته على جنحة متنازل عنها مقدمها؟... ولماذا لا يترك هذا الصبي لمواصلة تحصيله العلمي في المدرسة حتى يحين موعد النظر في القضية؟... ولماذا يعتبر هذا المراهق مذنباً قبل أن يقرر القضاء ذلك؟...
صديقي سعادة النائب العام... أنا أعلم أنك لا ترضى بما يجري تجاه ابن عائلة تحمل المحبة لك ولعائلتك... ورجائي لك بأن تخفف الكثير من الهموم عن والدي هذا الصبي... أشكرك ولك مني التحية..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1303 - الجمعة 31 مارس 2006م الموافق 01 ربيع الاول 1427هـ