عتبك أيها الجميل في محله... ومثل نبلك لا يغيب عن باله قيد شعرة أننا هنا في «ريضان» نسعى - ما استطعنا الى ذلك سبيلا - أن نجمع لا أن نفرّق، وأن نصل لا أن نقطع، وأن نراكم الصداقات، لا الكراهية والإحن، وإن اختلفنا في الرؤية والنظر الى عدد من المسائل والأمور.
مكالمة هاتفية وصلتني من الزميل النائب عبدالله الدوسري، وكعهدي بأدبه الجم، وأخلاقه العالية، ومنطقه الهادئ، جاء ليؤكد أننا في هذه الساحة نسعى دائما الى تعدد المشروعات والمنافسة فيما بينها، لأن نجعل هذه الساحة أكثر عافية، وأكثر قدرة على استيعاب جوهر الاختلاف والاتفاق، وألا يكون مثل ذلك الاختلاف سبباً ظاهراً وباطناً لإشعال حروب أو فتن، أو الانحراف بمسار ذلك الاختلاف بالتجني والتطاول على مساحات شخصية بعيدة كل البعد عن جوهر الخلاف وحقيقته.
نحن مع حرصك وتأكيدك الذي لم يبرح الحقيقة أو يتجنبها، واذا كان بعض الإخوة يعمدون الى خلط العام بالخاص، خلط الإشكال الأدبي بآخر لا علاقة له به، فتلك مسألة نرجو الالتفات الى خطورتها ومساحات حرجها، لما تسببه من مشكلات وأحياناً مطالبات قانونية تدفع ثمنها بعض الصحف، إضافة الى أنها تطال الأفراد أيضاً، وساعتها لا يمكن لأحد أن يلوم أحدا، مادامت الأمور خرجت عن نطاق السيطرة والتمييز والفرز وعدم الخلط.
نعلم أن بعض الكتاب والزملاء يتعاملون مع تلك الاشكالات بحسن نية، ولكن حتى حسن النية ذلك لن ينقذ أحدا فيما لو أراد أحد أن يقتص منه بشكل قانوني، الأمر الذي يحوّل هذه الساحة الى بؤر صراعات وتصفية حسابات لا يمكن لأحد أن يدّعي أنه يقدّم بمثل تلك التصرفات خدمة جليلة الى الساحة، بقدر ما يطمئن ويستقر الى أن الحساب تمت تصفيته، الأمر الذي يعود بالارتداد والتأخر والتراجع على الساحة وحتى منتسبيها.
واحدة من أكثر المشكلات التي تعاني ساحات شعرية وفكرية عدة منها، ومن بينها الساحة الشعرية في البحرين، أن الخلط هو السمة البارزة في تقرير مدى استمرار علاقة من عدمها لمجرد بروز خلاف ما مع أي شخص أو جهة، وذلك يرجعنا بالدرجة الأولى الى حقيقة وعينا وقدرتنا على الحوار والجدل بالتي هي أحسن، وإن لم نستطع الى ذلك سبيلا، فعلى الأقل محاولة التركيز على نقطة الخلاف والإشكال وتناوله من دون أن يخرجنا ذلك أو يدفعنا الى التجاوز أو التطاول، ومحاولة تجيير الخلاف ذاك في تصفية حسابات ليس هذا محلها.
نكن كل الحب والاحترام والتقدير للكتّاب والشعراء الذين نسعى دائما إلى أن تكون علاقتنا معهم منطقة جذب لاحتواء الخلافات أو على الأقل التخفيف من حدّة توترها وتصاعدها، لا أن نتحول الى منطقة استقطاب لتلك الخلافات، وبؤرة من بؤر تصعيدها. وعلى هذا الأساس نرجو أن يتفهم الزملاء ذلك، ما يوفر علينا وعليهم الوقت والجهد، وربما تجاوز خلافات قد تنتج مستقبلا لأننا لم نجار هذا ولم نساير ذاك. اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1303 - الجمعة 31 مارس 2006م الموافق 01 ربيع الاول 1427هـ