العدد 3160 - الإثنين 02 مايو 2011م الموافق 29 جمادى الأولى 1432هـ

التغير الفلسطيني الذي لا يتحدث عنه أحد

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في الوقت الذي تتوجه فيه العيون نحو اجتماع الجمعية العمومية المقبل في سبتمبر/ أيلول، عندما تصوّت الدول الـ 191 الأعضاء في الأمم المتحدة على ما إذا كانت ستعترف بدولة فلسطينية أم لا، فإنه من المثير للدهشة أنه بالكاد يوجد ذكر لما يمكن أن يكون أحد أهم التطورات في المجتمع الفلسطيني في الفترة الأخيرة.

فبعيداً عن الأضواء، تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية وبنجاح بالترويج لفكرة أن المقاومة الشعبية باستخدام الأساليب اللاعنفية هي الأسلوب الأفضل والمفضل لدفع القضية الفلسطينية وتحقيق الهدف النهائي بإنهاء الاحتلال وإنشاء الدولة الفلسطينية. وبدوره، يتحول الرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية بشكل جذري من خلال تبنّيه المقاومة اللاعنفية كونها شعبية وشرعية.

يمكن العودة إلى جذور المقاومة الفلسطينية اللاعنفية في سبعينات القرن الماضي والانتفاضة الأولى. فقد بدأت مبادئ اللاعنف تترسخ بشكل عميق في العقلية والنفسية الفلسطينية الجماعية، كما جرى التعبير عنه في نقاشات أجريتها مؤخراً مع السكان الفلسطينيين وأجراها فلسطينيين في مناصب رسمية مثل رئيس الوزراء سلام فياض.

ينبع هذا التوجه من تقدير متنامٍ بأن تشجيع الأمن والهدوء الداخلي الفلسطيني يرتبط بشكل وثيق مع أمن الإسرائيليين. ويُترجَم ذلك على الأرض بأن الهدوء في الهجمات ضد الإسرائيليين على الأرض خلال السنوات القليلة الماضية يُنظَر إليه الآن على أنه يخدم القضية الوطنية الفلسطينية. وقد يكون هذا التحول في المنظور أكبر إنجاز لخطة بناء الدولة التي تعدّها السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي تتطلع إلى إنشاء فلسطين مستقلة ذات سيادة مع نهاية العام 2011.

كيف إذن حصل هذا التغيير في الموقف الأمني؟ مدركاً مساوئ الشرط الأمني الذي وضعته مقترحات السلام التي تدعمها الولايات المتحدة في «خريطة الطريق نحو السلام»، حيث يتوجب على الحكومة الفلسطينية توفير الأمن لإسرائيل، السلطة المحتلة، قام فياض وبذكاء بالربط بين قضيتي الأمن والحرية.

استوعب فياض حاجة إسرائيل للأمن وقبل كل شيء على أنه حاجة فلسطينية. يتم استنباط الفكرة وراء التغيير جزئياً من الاعتقاد السائد بأن الفلسطينيين مسئولون في نهاية المطاف عن مصيرهم. لذا، وبينما يركّز جزء من خطة بناء الدولة التي تنفذها السلطة الوطنية الفلسطينية على تقوية الاقتصاد ودعمه، وإصلاح القطاع الأمني وإيجاد مؤسسات دولة شفافة قابلة للمساءلة، يتم تكريس جزء أكبر لتغيير عقلية السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية من خلال إقناعهم بأن فكرة المقاومة العنفية تُفشل بشكل كامل حقهم في تقرير المصير.

احتوت عملية مأسسة الوضع الأمني الجديد داخل الدولة والمجتمع على تطبيق سلسلة من الإجراءات الأمنية في الضفة الغربية، مثل تدريب قوات الأمن الوطنية الجديدة وتفكيك الميليشيات غير القانونية وسَجن أعضاء حماس لجرائم تتعلق بالاعتداءات وغسيل الأموال، والتركيز على السلامة العامة للمواطنين الفلسطينيين.

إضافة إلى ذلك قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بتطبيق إجراءين، مؤكدة بذلك التزام الحكومة الحالية ببناء دولة ديمقراطية قادرة على البقاء، وهما إعطاء دور كبير لمنظمات المجتمع المدني للمساعدة في هذا الاتجاه وتطبيق الإجراءات الأمنية، وتجنيد الميليشيات السابقة في النظام الأمني.

بالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين، تأتي بعض هذه الإجراءات على حساب الديمقراطية من خلال السجن العشوائي للمتعاطفين مع حماس. إلا أنه بالرغم من ذلك، فقد كانت معظم هذه الإجراءات ناجحة بشكل مثير للانتباه في إعادة حكم القانون إلى الضفة الغربية وتوفير شعور نسبي بالوضع الطبيعي والأمل الحقيقي للفلسطينيين بالمستقبل.

يشكّل تحديد الحاجة إلى الأمن والهدوء كمصلحة فلسطينية أعلى درجات التطمين للإسرائيليين لأنها تعطي الفلسطينيين شعوراً بوجود ما يمكن أن يخسرونه إذا لم يتم الحفاظ على الأمن. من هذا المنطلق، قام فياض بإعادة تنظيم المبادئ التي ترشد مفهوم الأمن الفلسطيني من خلال إدراك الحاجة للَجْم الجماعات العنفية والشبكات الإرهابية واستعادة السلطة في الضفة الغربية وضمان عدم وقوع هجمات انتحارية ضد الإسرائيليين لأنها لا تخدم المصلحة الفلسطينية.

يتوجب على الإسرائيليين أن يفهموا أنه عندما يكون هناك ما يمكن للمرء أن يخسره، فسوف يعمل بجهد للإبقاء عليه والاحتفاظ به. وتعتبر أهمية إدراك المجتمع الإسرائيلي لهذه العملية داخل المجتمع الفلسطيني حاسمة في هذا العمل.

قال غيث العمري، مستشار السياسة الخارجية السابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ذات مرة أن التحدي الذي يواجه فياض وعباس هو أنه «بالنسبة للعديد من الفلسطينيين يُعتبر العنف ضد إسرائيل جهداً وطنياً يتمتع بالاحترام». ورغم أن ذلك ربما كان صحيحاً في الماضي، إلا أن الوضع الحالي يرسم بالتأكيد صورة مختلفة. ويؤمل أن ينظر الإسرائيليون بشكل إيجابي أكثر تجاه مشروع بناء الدولة الفلسطينية عندما يدركون أن المرء لا يستطيع الحفاظ على الأمن بالقوة وحدها

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3160 - الإثنين 02 مايو 2011م الموافق 29 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً