العدد 3160 - الإثنين 02 مايو 2011م الموافق 29 جمادى الأولى 1432هـ

أسماء الأسماك التي تستخدم في التشبيه والأمثال (3)

سنكمل في هذا الفصل ما بدأناه في الفصول السابقة, وسنذكر هنا مجموعة جديدة من أسماء الأسماك التي اشتهرت في الكنايات والتشبيهات والأمثال وذلك بسبب ميزة خاصة توجد في هذه الأسماك.


جواف Gizzard Shad:

تسمى هذه الأسماك في الخليج العربي جواف والمفرد جوافة وقد تلفظ الجيم ياء فيقال يوافه وايوافه, والجواف هو الاسم العربي الفصيح الذي ورد في معاجم اللغة, جاء في القاموس المحيط للفيروزآبادي: «الجوفي: سمك», وجاء في حياة الحيوان للدميري: «الجُواف بالضم والتخفيف ضرب من السمك وليس من جيده», وجاء في كتاب الإفصاح في اللغة «الجواف والجوفي: ضرب من حيتان البحر. وقيل سمك»، مما سبق نستنتج أن الجواف والجوفي بمعنى وهو نوع من الأسماك. قال الناصري في كتابه «من تراث شعب البحرين» عن هذا السمك: «جواف وعرف بهذا الاسم بحيث يكون بجوفه الشوك وخاصة في ظهره وقرب الرأس بصورة مكثفة إلا أن الشوك غير قوى», وقال أيضاً إن الجيد من هذا السمك هو العريض أما إذا كانت مسلوبة فيختلف طعمها وتسمى كردة.


الجواف والسرورو

ذكر الناصري في موسوعة الأمثال المثل «تحب السرورو وتبغض الجواف», وذكر هذا المثل الدرورة في كتابه الأمثال الملاحية بصيغة «ما حب ليواف ما احب إلا السرورو». والسرورو ومفردها سروروة أو سرة وهي تشبه الخرزة تكون في بطن أنواع من السمك منها الجواف والبياح أو الميد وهي المعدة وقد تحورت إلى قانصة Gizzard ومنها جاء الاسم الإنجليزي. وعادة ما يجمع السرورو وينظم في خيط أو خوصة من خوص سعف النخيل ويشكل في صورة قلادة صغير ويقلى ثم يوزع على الأطفال الذين يجبون طعمه. لا خلاف بين الناس في حب السرورو إلا أن سمك الجواف نفسه فهناك من يكره طعمه, فلذلك قيل للمنافق الذي يرافق شخصاً ما لأجل مصلحة معينة «يكره الجواف لكن يحب السرورو».


«سلاية جواف»

ذكر هذه الكناية الدرورة في كتابه «الكنايات الملاحية» وقال عنها: «عرفت أسماك الجواف بلذّة بلحها إلا أن كثيراً من الناس لا يرغبون في أكلها فهم يقولون إن بها شوكاً كثيراً يسلب متعة تناولها، أما غير الزاهدين بأكلها فيقولون إن لحمها لذيذ وإن شوكها ضعيف حيث يمكن قضمه فهو لا يؤثر في تناوله وذلك لأنه لين هش. والكناية هنا إشارة إلى أن الشوكة غير مضرة أو مؤثرة فهي أشبه ما تكون بشوكة الجواف أو عظمة الجواف أو سلاءتها».


العوم Sardines

تعرف هذه الأسماك الصغيرة في الخليج العربي عامة باسم العوم. ويقال عوم والمفرد عومة, ويسمى سردين في مصر والمغرب نواحي أخرى من البلاد العربية, وقيل إنه سمي بالسردين نسبة إلى جزر Sardinia الإيطالية.

والاسم عوم عربي فقد ورد في لسان العرب أن العومة دويبة تغوص في الماء كأنها فص أسود. إلا أن المستشرق جاياكار خص الاسم عوم بنوع من خنافس الماء من دون وجود أي دليل قاطع وهذه الخنافس تعيش في المياه العذبة, واستند أمين معلوف في معجمه على قول جاياكار وخص الاسم عوم بخنافس الماء. وأنا أرجح أن المقصود بالعومة المذكورة في لسان العرب هي هذه السمكة, وما يعزز هذا الافتراض ما ذكره بن البيطار في كتابه «مفردات الأغذية والأدوية» حيث قال: «العرم: هو السمك المعروف عند أهل المغرب بالسردين وباليونانية سماريس».

و «العرم» هنا تحريف للاسم «عوم» فهو نفسه السمك المسمى سردين في مصر والمغرب ونواحي أخرى من البلاد العربية.


أهمية سمك العوم

لسمك العوم أهمية كبيرة، فقد كان يستخدم لتصنيع الصل الذي تطلى به السفينة لحمايتها, وكان يستخدم أيضاً في علف الأبقار حيث إن له أهمية في الإكثار من إدرار الحليب. وفي حال كثر العوم فإنه يستخدم كسماد وحينها يصدق عليه المثل القائل: «السمچ إذا زاد سماد و إذا كل (قل) زباد», ويورد هذا المثل بصورة عامة وليس بصورة خاصة للسمك فيقال: «الشيء إذا زاد سماد وإذا كل (قل) زباد», والزباد نوع من الطيب الغالي.

وعلى رغم هذه الفوائد التي ذكرناها لسمك العوم إلا أنه مذموم ولا يمتدح ويعتبر من أكثر الأسماك التي يضرب بها المثل لصغر حجمه ولشدة تحقير الناس له.


«عوم ودودوان»

يقصد بالدودوان الأسماك الصغيرة جداً جداً بحيث إنها تشبه الديدان, وقد أورد هذه الكناية الدرورة في في كتابه الكنايات الملاحية وقال عنها: «إن من كان صيده الأسماك المتردية التي ليست لها قيمة غذائية أو تجارية فما الفائدة منها، لقد أضاع جهده سدىً في صيدها، إلى جانب أنه لم يحافظ على الحياة الفطرية وقد عاث في البيئة البحرية فساداً في تلك المنطقة التي أبحر فيها. كناية تضرب للأمور المتدنية والتي يزهد الناس فيها، كما يضرب لعدم التوفيق في الحصول على الغايات المطلوبة».


«عوماية مأكولة ومذمومة»

ويقال أيضاً «عومة مأكولة ومذمومة», ويقال هذا المثل لمن ينتفع بشيء أو شخص وبعد أن تنتهي حاجته له لا يتوانى أن يكيل له العيوب, تماماً كمن يأكل العوم وينتفع به لكنه يذمه.


«حتى المتوت نعمة الله»

تعرف صغار سمك العوم باسم المَتُوت, فإن كان العوم يستحقر لصغر حجمه فإن المتوت سيكون أكثر استحقاراً من ذلك فلذلك جاء في الأمثال: «حتى المتوت نعمة الله», ويضرب المثل كناية عن الشخص الوضيع.


بدح – مصلغ

تعرف هذه الأسماك في الخليج العربي باسم البدح, وهذا هو اسمها العربي الفصيح أيضاً, والبَدْح بفتح الباء جمع والمفرد بَدحه, وذكر هذا الاسم في القاموس المحيط للفيروزآبادي وغيره من المعاجم. وفي كتاب «موسوعة الألفاظ الطبيعية» ورد من أسماء هذه الأسماك الاسم «قتن», وهذا الاسم الأخير ورد في القاموس: «القتن محركة سمكة عريضة قدر راحة اليد». واللفظة مشتقة من القتن أي نحافة الجسم. وربما سمي بالبدح للسبب نفسه فالبُدحة بالضم الساحة والبِدحة بالكسر الفضاء الواسع فربما سمي بالبدح لأنه مفلطح الجانبين وعريض, إلا أنني أرجح أنها ربما سميت بنقيضها أي أنها أعطيت اسم نقيض لصفتها, جاء في تاج العروس: «البَدْحُ، بالفَتْح: نَوْعٌ من السَّمَك. وامرأَةٌ بَيْدَحٌ كصَيْقَلٍ: بادِنٌ، أَي صاحبةُ بَدَنٍ».

وربما من ذلك الاسم «مصلغ» وهو اسم صغار هذه الأسماك, فقد جاء في لسان العرب: سلغت الشاة والبقر تسلغ سلوغاً وهي سالغ أي تم سمنها وأبل صلغة أي سمينة. وتم سمنها أي أنها لا تسمن أكثر من ذلك. والعامة في البحرين تزعم أن البدح سمك ضعيف الجسم لا يسمن حتى قالت في أمثالها: «لين (أو إذا) سمنت البدحه» ويضرب للتعجيز, فعندهم البدح لا يسمن.

وبعض هذه الأنواع من الأسماك تسمى بدح رياش أو اختصاراً رياش ورياشه ورويشي وربما سميت بذلك لأن الزعانف الظهرية لهذه الأسماك ناعمة وأشواكها ضعيفة وفي بعض الأنواع تمتد هذه الزعنفة الظهرية إلى أعلى مكونة ما يشبه الريشة. وسميت هذه الأسماك Pursemouths لأن فمها قابل للمد فهي تمده حتى يتدلى إلى أسفل (Smith 1986). ومن الأسماء الإنجليزية الأخرى لهذه الأسماك Mojarras. وذكرت هذه العائلة باسم عائلة القاصة في كتاب «الثروة المائية في الدول العربية»

العدد 3160 - الإثنين 02 مايو 2011م الموافق 29 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً