أكمل مشروع قانون الصحافة البحرينية 87 شهراً بالتمام (سبع سنوات وثلاثة أشهر)، منذ تقديمه كمقترحٍ بقانون من قبل مجلس الشورى، لتعديل أحكام قانون الصحافة المعروف بالمرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002، دون أن يتم إقراره حتى الآن.
وعلى رغم التصريحات المتعاقبة للجنة الخدمات النيابية على مدى الفصول الثلاثة المتعاقبة بشأن الإسراع بتمرير مشروع القانون والدفع به ليرى النور، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتحقيق آمال الجسم الصحافي في البحرين، برؤية هذا القانون على أرض الواقع.
ومر القانون المنتظر، منذ 19 أبريل/ نيسان 2004، حين قدمه مجلس الشورى كمقترحٍ بقانون، وأحالته الحكومة إلى دائرة الشئون القانونية لصوغه كمشروع قانون، وحتى اليوم بمحطاتٍ محورية، كادت أن تخرج المولود الموعود من رحم السلطة التشريعية، إلا أن الأمور كانت تعود دائماً إلى المربع الأول، ويتوارى قانون الصحافة عن الأنظار مجدداً.
ووصولاً إلى الفصل التشريعي الحالي، فتبدو الآمال تتضاءل شيئاً فشيئاً أمام إقرار القانون المذكور، إذ لم تنته لجنة الخدمات للآن من تقريرها النهائي على مشروع القانون، ولم تعهد به للآن لهيئة مكتب النواب تمهيداً لعرضه في الجلسات القليلة المتبقية من عمر دور الانعقاد الحالي وهو الأول من الفصل التشريعي الثالث.
وتؤكد المؤشرات أنه حتى لو أكملت لجنة الخدمات تقريرها النهائي بشأنه وسلمته لهيئة مكتب النواب تمهيداً لعرضه على النواب، فسيكون تمريره مهمة شبه مستحيلة خلال عددِ جلساتٍ ربما لن تزيد عن 8، قد تكون هي المتبقية من هذا الدور الذي تتوارد الأحاديث عن أن فضه عن يتجاوز مايو/ أيار المقبل، في حين تتزاحم مشاريع القانون الجاهزة أمام هيئة مكتب النواب، والتي تنتظر دورها لإدراجها أمام جلسات مجلس النواب المقبلة.
وإذا ما عرض مشروع قانون الصحافة على مجلس النواب للبت فيه خلال هذه الفترة، فإن الاحتمال الأكثر وروداً هو أن يتكرر ذات السيناريو الذي ألمّ به خلال دور الانعقاد الماضي (الرابع من الفصل الشريعي الثاني)، إذ لم يكمل النواب مناقشة موادٍ تتجاوز أصابع الكفين العشر، من ضمن ما يزيد عن 80 مادة، و10 فصول يحويها القانون المذكور، قبل أن ينفض ويعلّق البت في قانون الصحافة إلى الدور الحالي.
وحظي مشروع القانون المشار إليه بفرصةٍ ذهبية، بعد أن أدرجه مجلس النواب للمرة الأولى على جدول أعماله في دور الانعقاد الماضي، وتحديداً في جلسة 23 فبراير/ شباط 2010، بعد أن أنهت لجنة الخدمات تقريرها بشأنه، لدى مناقشاتها مسودتي مشروعين بقانون عنه، أحدهما كان مقترح الشورى، والآخر كانت الحكومة قد تقدمت به في 12 مايو/ أيار 2008، كمقترحٍ آخر لتعديل المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 المعمول به حالياً.
وعلى رغم أنه كانت هناك فرصة لإقراره على مدى ثلاثة أشهر قبل فض دور الانعقاد المذكور أي لغاية 11 مايو 2010، إلا أن مناقشات القانون المذكور أصيبت بانتكاسة بالغة، بعد أن تأجّل إكماله عدة جلسات قبل أن يغلق مجلس النواب أبوابه دون أن ينجح حتى في إنهاء ربع مواده.
ومنذ تسلم لجنة الخدمات النيابية للمشروع القانون المذكور، وحتى انتهائها منه الدور الماضي إيذاناً ببدء المناقشات العلنية لمواده وفصوله، فقد دار لغط كبير حينها بشأن الفصل المتعلق بالعقوبات المفروضة عند مخالفة القانون المشار إليه.
وأثير جدلٌ واسع حول ما قيل انه محاولة لالتفاف على عقوبات الحبس المباشرة للصحافيين وفق مسودة القانون التي أقرتها لجنة الخدمات الماضية، من خلال إحالة بعض مخالفات النشر إلى قانون العقوبات، بدلاً من القانون المذكور، تلافياً لردود الأفعال التي قد يبديها الجسم الصحافي حال إقرار مواد تفضي للنص على الحبس، في حين كان رد الجسم الصحافي واضحاً برفض الحالتين، أي وجود عقوبات مباشرة أو غير مباشرة يكون مآلها حبس أي صحافي تحت طائلة مخالفة القانون.
ووفقاً لرئيس لجنة الخدمات الحالي النائب عادل العسومي، فإن انتهاء اللجنة من مشروع القانون المشار إليه بات وشيكاً، وأنها «توافقت على اغلب مواد مشروع القانون بما في ذلك إلغاء عقوبة حبس الصحافي وفك الارتباط بقانون العقوبات، إضافة إلى دمج الصحافة الالكترونية مع قانون المطبوعات والنشر بما يتواكب مع الحرية المسئولة التي كفلها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك بحيث يفتح مجال الحريات للجميع شريطة أن يكون كل شخص مسئولاً عن رأيه أمام القانون».
يشار إلى أن لجنة الخدمات كانت قد اجتمعت خلال مناقشاتها الماضية خلال الفصل التشريعي السابق والحالي مع اغلب الجهات ذات العلاقة، ومنها جمعية الصحافيين والنقابة، ورؤساء تحرير الصحف المحلية، بالإضافة إلى استلامها رؤى عددٍ من الكتل النيابية إزاء مشروع قانون الصحافة.
يذكر أن كتلتي الوفاق (قبل تقديم نوابها استقالتهم) والمنبر الإسلامي قدمتا رؤيتهما إلى لجنة الخدمات بمجلس النواب بشأن قانون الصحافة والطباعة والنشر الصادر بالمرسوم بقانون رقم (47) للعام 2002، والمشروع بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر والمشروع بقانون بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر.
وقد طالبت «المنبر» من خلال رؤيتها بضرورة تضمين القوانين العقوبات اللازمة لكفالة عدم التعرض للذات الإلهية والدين الإسلامي في أركانه ومقوماته سواء أكان هذا الاعتداء من المسلم أو من غير المسلم أو كل من يقيم في مملكة البحرين، وذلك لأن قانون العقوبات البحريني يعاقب كل من يخالف أحكامه على إقليم المملكة بغض النظر عن جنسيته ما إذا كان مواطنا أو مقيما.
وأشارت الرؤية إلى أن المنبر تتطلع إلى أن تكون للصحافيين مواثيق اختيارية لأخلاقيات المهنة قبل أية تشريعات، وأن تكون مرجعيتهم قبل كل ذلك ميثاق الشرف الصحافي والمهنية والضمير، ولدعم هذا التوجه فإننا في الكتلة نرى ضرورة أن تسهل الدولة لمختلف وسائل الإعلام الوصول إلى مصادر الخبر وضمان الحق في الحصول على المعلومات من مختلف مصادرها.
فيما جاءت رؤية كتلة الوفاق رافضة لعقوبة حبس الصحافي بسبب أداء وظيفته ودوره الرقابي، كما أعلنت رفضها لتجسير العلاقة بين قانون الصحافة وقانون العقوبات الجنائية.
يشار إلى أن الجسم الصحافي يبدي في كثير من المناسبات تذمره من عدم إقرار قانون جديد للصحافة، إذ غالبا ما يوجه الصحافيون انتقادات لاذعة إلى القانون الحالي، متهمين إياه بأنه يضيق الحريات عليهم، وخاصة بعد ورود شكاوى متعددة ضدهم.
ويعّول الصحافيون على الكتل البرلمانية لإقرار قانونٍ يهيئ لهم مزيدا من الحرية والخصوصية، ويكفل لهم المزيد من المساحة في التعبير.
أخيرا، فقد يكون اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يطل سنويا في 3 مايو، والذي بات حلوله وشيكاً، فرصة مواتية أمام الجسم الصحافي والنواب للدفع بمشروع القانون قدما ليرى النور، بعد سلسلة التعقيدات التي ظلت تلاحقه على مدى السنوات الماضية
العدد 3160 - الإثنين 02 مايو 2011م الموافق 29 جمادى الأولى 1432هـ