العالم من حولنا يمر بتغيرات وقفزات نحو التطور بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني وقد دخل العالم عصر العولمة بكل إيجابياته وسلبياته ونحن جزء من هذا العالم نتأثر به سلبا أو إيجابا بكل ما يعتريه من تغيرات وبكل ما يجري حوله من حوادث ولا نملك إلا أن نتابع وندرس ونتفاعل معها بما يناسب الظروف المحيطة بنا ونواجهها بقراءة مستقبلية للأزمات ونضع ما يناسب من حلول.
ومن أكبر الأزمات التي تواجه العالم الآن وقد تغير خريطة العالم هي مستقبل التنمية المستدامة والبيئة وما يهمنا الآن هو الأزمة الغذائية التي يتعرض لها العالم لذا لزاما علينا دراستها وتحليل أسبابها وكيفية وضع الحلول للخروج من الأزمة.
بدءا لابد أن يكون لدينا القناعة أن أزمة الغذاء هي محصلة للكثير من الأزمات والسياسات، وكان أحد الأسباب التي تعرض لها الباحثون هو موضوع الوقود الحيوي، وهو مسمى أطلق على الوقود الذي يكون مصدره النباتات بأنواعها سواء حبوب أو النبات نفسه مثل قصب السكر مثلا، وكثيرا ما اتهم الوقود الحيوي بأنه وراء الأزمة الغذائية وسبب رئيسي لارتفاع الأسعار وسنتعرض للغة الأرقام لكشف الحقائق:
أولا لا يمكن رفض الوقود الحيوي كفكرة وكبحث علمي حيث إنه منتج صديق للبيئة ولكن بشرط التعامل معه بالأسلوب السليم حيث إنه يعتبر حلقة من حلقات الطاقة المتجددة الذي نحن في أمس الحاجة للتعامل وقبول تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ونشجع منتج نحصل منه على الطاقة مع توفر الأمان البيئي حيث إن ثاني أكسيد الكربون الناتج من استخدام الوقود الحيوي نسبته10في المئة (عشرة في المئة) من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من استخدام البنزين أو السولار.
وحقيقة الوقود الحيوي حق ولكن أريد به باطل حيث إن بكل الأنظمة العالمية قسم خاص بإدارة الأزمات وهو قسم متخصص بوضع سيناريوهات لافتعال الأزمات بما يخدم مصالحهم وكذلك توقع وقراءة أزمات المستقبل ووضع استراتيجيات بخطط زمنية قصيرة أو طويلة الأمد وكثيرا من هذة الإدارات أن تستخدم إنجازات العلماء والباحثين كعناصر ولاعب رئيسي في سيناريوهاتهم.
وفي الوقود الحيوي غرق العلماء بالبحث والتدقيق للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يتسبب في رفع درجة حرارة الأرض ومايترتب على ذلك من تغيرات مناخية قد تعرض كوكب الأرض لتغير الخريطة الجغرافية والسياسية نتيجة تعرض كثير من البلاد الساحلية لغرق جزء من مساحتها حسب التوقعات الدراسية كدولة بنجلادش وبالإضافة إلى تعرض مساحات كبيرة من الدلتا بمصر للغرق نتيجة ارتفاع منسوب مياه النيل وكذلك مناطق من سواحل الاسكندرية وبالمثل كثير من المناطق المطلة على مياه بحار أو محيطات أو خلجان وهذا على سبيل المثال وليس الحصر ووجد أن من أهم أسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض هوزيادة نسبة الغازات المنبعثة نتيجة سلوك الحضارة والتطور وكان لزاما علينا من المسئولية هو العمل على خفض نسبة الغازات الناتجة مثلا من عادم السيارات الناتج من استخدام وقود البنزين والسولار لذا اهتم العلماء بإنتاج وقود يقلل من انبعاث الغازات الناتجة من الاحتراق للحصول على الطاقة وكذلك بعض الفلاتر المغناطيسية التي تقلل استهلاك الوقود بنسبة 25في المئة وتقلل من العادم بنسبة مايقارب 90 في المئة وتوصلوا لاستخراج وقود من النباتات سواء من الحبوب أو النبات كامل وكان نواتج البحث نوعين من الوقود أولهم هو الايثانول والثاني هو البيوديزل ويستخرج الايثانول من كثير من المنتجات النباتية مثل محصول قصب السكر بعمليات التخمر وكذلك من بعض المحاصيل من الحبوب مثل القمح والشعير والذرة السكرية الخ من الحبوب والنوع من الوقود الآخر وهو البيوديزل يستخرج من الحبوب الزيتية مثل محصول عباد الشمس وفول الصويا والفول السوداني وبزرور النخيل وبذور القطن إلى آخر من المحاصيل وجاري العمل ضمن خطة ليحل محل 80 في المئة من الوقود المستخدم للسيارات ولكن هذا يتطلب تعديلا في محركات السيارات، وكان اختيار القائمين على اللعبة الاقتصادية هذا الخيار ليكون الوقود الحيوي أحد أسباب الأزمة الغذائية باختيارهم التوجه للتوسع في استخراج الايثانول من محاصيل الحبوب التي يتغذى عليها الإنسان، حيث إن 30 في المئة ثلاثون في المئة من إنتاج الولايات المتحدة الأميركية من محصول الذرة يستخدم لإنتاج الايثانول هذا بخلاف البرازيل أكبر منتج لقصب السكر في العالم تحول بالفعل لانتاج الايثانول ليكون اكبر منتج للايثانول في العالم يبلغ انتاجة الان 16 مليار (ستة عشر مليار) جالون ايثانول سنويا ولدية خطط لزيادة الانتاج وذا بدورة ادى لقلة المعروض من السكر وبالتالي خلل بالميزان التجاري معرضا ارتفاع سعر السكر عالميا وكما ذكرناة بالسكر والذرة ايضا بالنسبة للقمح وكثير من المحاصيل الزيتية مسبب زيادة اسعار الزيوت
وكل هذة الاسباب لابد وان تزيد من الاسعار وبالمقابل زادت الميزانية المخصصة لتوفير الغذاء من دخل الاسرة حتى وصل ان غالبية الاسر خصصت 70 في المئة (سبعون في المائه) من دخلها لتوفير الغذاء الضروري لها وهذا بالتالي سيكون على حساب نسبة الرعاية الصحية والتعليم والمستوى الاجتماعي الذي هو اهم دعائم التوازن النفسي ولو بصورة نسبية.
السياسة العالمية اتبعت سياسة اللارجعةبأستخدام الوقود الحيوي واصبح علينا ان نتعامل مع الموقف المستقبلي ومن دلائل سياسة اللا رجعة هو ان الولايات المتحدة الأميركية وحدها ضخت 6 مليار دولار ( ستة مليار دولار) للاستثمار في الوقود الحيوي كما كان للقرار السياسي بأعلان الولايات المتحدة الأميركية العزم على انتاج 35 مليار (خمسة وثلاثون) جالون من الايثانول خلال السنوات العشر القادمة بالبدأ في انشاء 33 (ثلاثة وثلاثون) مصنع لتكرير الوقود الحيوي.
ومن خلال بعض الارقام نستنتج بعض التحليل للوضع حيث ان عدد سكان أميركا يبلغ 4 في المئة من سكان العالم ولكنهم يستهلكون 25 في المئة من احتياطي الطاقة العالمي ويبلغ عدد الاحتياج السنور من البنزين 140 مليار جالون سنويا ولكن بالنسبة لاستهلاكهم للنفط يقدر 321 مليار جالون سنويا
وهذا احد الاسباب التي جعلت الحلم يراودهم لايجاد بديل للطاقة سواء اكانت طاقة الوقود الحيوي او طاقة الهيدروجين وهي حلم المستقبل. وهذا الحلم من اجل حفاظهم على البيئة والحد من ارتفاع اسعار النفط التي تسبب في ارباك الميزان التجاري والحركة الاقتصادية ما دعى للتوجة نحو صرعة الوقود الحيوي هو تقارب الاسعار حيث يبلغ سعر الجالون الواحد من النفط نحو 55 سنت بعدما كان 40 سنت في المقابل يبلغ كلفة الجالون الواحد من الايثانول من 55 الى 60 سنت اذن القضية السعرية متقاربة وهذا مايرجح كفة الوقود الحيوي حيث إنه وقود صديق للبيئة والامتيازات والتشجيع الحكومي لاستخدام الوقود الحيوي وعلى سبيل المثال أصدار الاتحاد الأروبي قانونا بإعطاء حوافز بتخفيض نسبة الضرائب على الشركات التي تستخدم الوقود الحيوي بهدف استخدام الوقود الحيوي من أجل بيئة نظيفة.
إقرأ أيضا لـ "أشرف محمد عمران"العدد 2498 - الأربعاء 08 يوليو 2009م الموافق 15 رجب 1430هـ