العدد 3154 - الثلثاء 26 أبريل 2011م الموافق 23 جمادى الأولى 1432هـ

نداء الطلبة: نعم... لنتجاوز الكم المعرفي ومواد المنتصف!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

تكرار، تذكر، اجترار، حشو، تلقين، حفظ آلي، كم معرفي... إلخ من المفردات التي تلازم التعليم، وبإمكان القارئ المتابع أن يجدها ماثلة أمام عينيه وهو يتابع التحديات التي تواجه الحقل التعليمي في الوطن العربي بوجه عام.

ببساطة يمكن القول إن النظام التقليدي في مؤسساتنا التعليمية يركز على المحتوى المنقول إلى الطالب (وهو ما يقوم به المدرس)، عوضاً عن الكفايات (التي يكتسبها الطالب).

أتفق تماماً مع رؤية التربوي البرازيلي باولو فريري في تحذيره من «التعليم البنكي Banking Education» والقائم أساساً على أن دور المعلم يتلخص في إيداع المعلومات التي تختزنها الكتب والمقررات الدراسية (الجاهزة) في أدمغة الطلبة.

كما أوافقه الرأي فيما ذهب إليه بأن دور الطلبة يتمثل في استقبال المعلومات بشكل قسري وسلبي، ليقوموا بإخراجها متى ما طلب منهم المعلم أو خضعوا لامتحان، تماماً كما لو كانت المعلومات التي يقدمها المعلم للطالب عبارة عن وجبة سريعة على طريقة «eat it , it is good for you»!

ربما تابع القراء وكثير من الطلبة وأولياء الأمور قبل أيام خبراً عن توجيه وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي للمسئولين في الوزارة بإجراء بعض المراجعات في نظم التقويم والامتحانات من خلال المحورين التاليين:

المحور الأول: ضرورة التركيز في الامتحانات النهائية على ما هو جوهري في المناهج الدراسية، والتخفيف من التفاصيل غير الضرورية، وذلك يستدعي العناية بالكفايات والإتقان، وليس بالكم المعرفي.

المحور الآخر: عدم تكرار اختبار الطلبة في الامتحانات النهائية فيما سبق اختبارهم فيه في امتحانات المنتصف على صعيد المعلومات.

بمعنى آخر، فإن المحور الأول يؤكد على حذف أجزاء الحشو من المناهج، بهدف منح المزيد من الوقت للطالب لممارسة الأنشطة.

بينما المحور الآخر يؤكد على عدم التكرار.

ولكم أن تتخيلوا النتائج الكارثية لكل من «الحشو والتكرار»، فكلاهما يقودان إلى تفشي ظاهرة الغش، وتعليب ذهنية الطالب من خلاله تعويده على عدم تخطي أدنى مستويات المعرفة (التذكر والحفظ)، وتجاهل مهارات التفكير العليا، ما يشجع على ترويج ثقافة «المذكرات والملخصات»، والتي تباع ـ وللأسف الشديد ـ في المكتبات والقرطاسيات، إلى جانب نفور الطالب من التعليم بفقدانه للدافعية، ومن ثم التشجيع على التسرب والهروب، هذا فضلاً عن معاناة الطلبة، وخصوصاً الصغار من ثقل الحقيبة المدرسية.

أما بالنسبة للمعلم فإن التعليم المباشر، القائم على التلقين وأسلوب المحاضرة فهو المفضل في الغالب، كما أن نظم التقويم ترتكز بشكل رئيسي على الإجابة النموذجية (المعلبة)، وهي مريحة للمعلمين إلى حد كبير!

يشير إبراهيم يوسف العبد الله في كتابه (قضايا في التنمية المستدامة) إلى أن نظام الامتحانات وتقويم أداء المتعلمين يقوم بفرز المتعلمين وتصنيفهم، وإصدار أحكام تتعلق بالنجاح والفشل حسب معايير كل معلم أو أستاذ جامعي، وأحياناً وفق معايير كل مدرسة أو جامعة، إذ يقيس قدرات الشباب على التذكر والحفظ والاستظهار، ولا يؤكد على أساليب التفكير العلمي وحل المشكلات والتعبير والنقد والإبداع.

لاشك أن قرار تجاوز الكم المعرفي ومواد المنتصف سيخدم الطالب أولاً وأخيراً، لأن الهدف من التعلم لا يتمثل في إتقان فن الإجابة عن الأسئلة المعرفية الواردة في أوراق الامتحانات التحريرية، ولا الحصول على المعدلات المرتفعة إرضاءً للذات أو الأهل أو المعلم.

كما لا يفوتنا الإشارة إلى أن بعض المواد العلمية مترابطة كمادتي (الفيزياء والرياضيات) بالنسبة للمرحلة الثانوية، وبالتالي لا نستطيع الفصل بين ما يتعلمه الطالب قبل امتحانات المنتصف أو بعدها، وهو أمر مهم ينبغي الالتفات إليه قبل وضع الامتحانات النهائية.

والسؤال المطروح هو: هل نريد تعليماً متمركزاً على الكفايات أو المتعلم ويواكب التحولات، أم تعليماً متمركزاً على المعارف والمدرس ومقاوم للتحولات؟

لمعرفة الجواب... يقول أحمد شوقي في مسرحية «مصرع كليوبترا»:

ياله من ببغاء عقله في أذنيه

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3154 - الثلثاء 26 أبريل 2011م الموافق 23 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً