جرت العادة أن تستقل كل مدرسة ببناء نماذج امتحاناتها لمنتصف الفصل الدراسي على أن يقدّمه الطلاب في المواعيد المضبوطة مسبقاً حسب خطة وزارة التربية والتعليم.
لكن لأسباب كثيرة - لعل أهمّها الحرص على الشفافية ونزاهة الامتحانات المدرسية - ارتأت وزارة «التربية» أن تعمد إلى تجربة جديدة في امتحانات المنتصف لهذا الفصل الدراسي. فبعد أن طلبت من المدارس الثانوية تقديم نماذج امتحاناتها لكل مادة في كل مستوى، قامت لجنة مختصة بدراستها وانتقاء الأفضل منها والمناسب، ثم أعدت للنماذج المختارة من عشرات الامتحانات نموذج تصحيح تمّ إرفاقه مع نموذج الامتحان ليكون دليلاً موحداً للمصححين خلال القيام بعملية التصحيح.هذا وقد شمل توحيد الامتحانات مدارس المحافظة الواحدة لا كامل مدارس مملكة البحرين.
ولقد بينت هذه التجربة مزايا كثيرة تستحق الذكر والتنويه راجياً المزيد لتطويرها والعمل بها ولربما تعميمها في مستويات أخرى من مراحل التعليم.
إذ لطالما اشتكى طلاب مدارس البنين من سهولة امتحانات المنتصف في مدارس البنات أو بالعكس، وكثيراً ما قرأنا في منتدياتهم عدم إنصافهم وتشدد هذه المُدرّسة في تصحيحها وتسامح هذا المدرس في إسناد الدرجات لامتحانات المنتصف وذلك ليس بين المدارس فحسب وإنما حتى داخل المدرسة الواحدة.
ويعود ذلك في نظري إمّا لعدم تقارب الرؤى بين واضعي الامتحانات أو لأسباب عاطفية بعيدة عن الحقيقة التعليمية والتقويمية. هذا من حيث بناء أسئلة الامتحان أمّا من حيث التصحيح فقد يسبب غياب نموذج موحد لتصحيح الأوراق وخاصة في مواد العلوم الإنسانية - وما أكثرها - تبايناً شاسعاً بين درجات الطلاب لأن هذه المواد التعليمية لا تعدم جانب الاجتهاد فيها والتقدير الشخصي النسبي.
أمّا تجربة الحال فإنها صححت كثيراً مما كان يحتاج إلى مراجعات إذ إن اختيار لجنة خاصة لامتحان موحّد لمنطقة تعليمية أو لمحافظة كاملة يحمي المدرسين من تهمة تسريب الامتحانات التي يرمى بها أحيانا بعض المربين خطأ.
كما أن مرور هذه الامتحانات بأيدي لجان مختصة للغربلة والتمحيص يعطي النماذج المختارة صدقيّة أكثر.
وفي هذه الصدد يا حبذا لو تكرم النماذج المختارة تشجيعاً لواضعي الامتحانات كما نرجو لو تقوم هذه اللجان المختصة بالتعليق ونقد الامتحانات المتبقية ليستفيد واضعوها من أخطائهم لأن مسألة بناء الامتحان تعتبر مهملة في المدارس ولا بدّ أن تحظى باهتمام إدارة القياس والتقويم.
أمّا الزاوية المضيئة الأخرى في هذه التجربة فهي نماذج التصحيح المصاحبة والتي تعتبر مكسباً للمدرسين والطلاب على حد السواء يجعل حظوظ الطلاب متساوية وهامش الخطأ في تقدير الإجابة ضئيل جداً إن لم نقل منعدماً.
كما أن طابع الصرامة وافر في هذه التجربة حيث إنها تقريباً شبيهة بامتحانات نهاية الفصل الدراسي ممّا يعطي انطباعاً لدى الطلاب بقرب نهاية الفصل الدراسي وإيلاء الامتحان أهمية قصوى.
عموماً ولئن رأى البعض أن هذا الخيار جاء نتيجة للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد وتأثرت بها المدرسة فإني لن أنظر إلى هذه التجربة إلا من جانبها الذي يخدم مصلحة العلم والمتعلم والمعلم وهؤلاء الثلاثة هم المستفيدون الأكبر من هذه التجربة، هؤلاء هم: رهان وعماد وأساس المستقبل في مملكة البحرين
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ