أظهر التقرير النهائي للجنة المالية بمجلس النواب الذي حصلت «الوسط» على نسخة منه رفضها لأغلب مواد مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعامي 2011 و2012.
فقد أبدت اللجنة المالية عدم موافقتها على المواد المتعلقة بالمصروفات الإجمالية، والمصروفات المتكررة، ومصروفات المشاريع، ومقدار العجز، معللة ذلك «لعدم الاتفاق مع الحكومة بشأن التعديلات التي اقترحتها اللجنة».
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الحكومة لزيادة الرواتب بمقدار 25 في المئة للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام.
ومن المتوقع أن تقف الكتل النيابية الثلاث لجانب توصية اللجنة المالية، الأمر الذي يعني أن الموازنة ستواجه بـ «فيتو» نيابي كبير في جلسة غدٍ (الثلثاء) التي سيتم البت فيها.
رفض التقرير النهائي للجنة المالية بمجلس النواب الذي حصلت «الوسط» على نسخة منه غالبية مواد مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعامي 2011 و2012.
وأبدت اللجنة المالية التي اجتمعت 19 مرة منذ تسليمها مشروع قانون الموازنة العامة في 29 ديسمبر/ كانون الأول، وحتى موعد انتهائها من تقريرها النهائي في 14 ابريل/ نيسان الجاري، عدم موافقتها على المواد المتعلقة بالمصروفات الإجمالية، والمصروفات المتكررة، ومصروفات المشاريع، ومقدار العجز، معللة ذلك «لعدم الاتفاق مع الحكومة بشأن التعديلات التي اقترحتها اللجنة».
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الحكومة لزيادة الرواتب بمقدار 25 في المئة للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام، كما لم تحصل على ردٍ منها بشأن تخصيص 200 مليون سنويا لتوزيع 75 دينارا شهريا على الموظفين والمتقاعدين.
وأشار التقرير إلى أن اللجنة المالية النيابية وافقت على بند الإيرادات بعد توافق الحكومة معها على زيادتها بمبلغ 94.934.000 دينار لسنة 2011، و100.565.000 لسنة 2012. وقد أقرت اللجنة ما ذهبت إليه الحكومة بافتراض سعر بيع النفط الخام أثناء الموازنة بمعدل 80 دولارا للبرميل المنتج من حقل البحرين البري، و79.5 دولارا للبرميل المنتج من حقل أبوسعفة. ووفقاً للجنة فإن الاعتماد على الإيرادات النفطية بلغ 89 في المئة في السنتين المذكورتين.
ودعت اللجنة في تقريرها الحكومة لإيجاد توازن بين تمويل التوسع الإضافي في استثمارات «ممتلكات»، والبرامج الاستثمارية للشركة الوطنية القابضة للنفط والغاز عن طريق احتفاظهما للإرباح من جانب، والمبالغ الواجب تحويلها إلى الخزانة العامة لرفدها بالإيرادات من جانب آخر.
كما أكدت على ضرورة وجود برنامج عملٍ واضح من قبل الحكومة ومحدد بإطار زمني حول تنويع مصادر الإيرادات.
وفي بند المصروفات المتكررة، أشارت اللجنة إلى أنها طالبت برفع الدعم المخصص للأسر محدودة الدخل من 50 مليونا إلى 200 مليون سنويا، وإعادة توجيه هذا الدعم بواقع 75 دينارا شهريا للمواطنين المستحقين المشمولين بالتأمين الاجتماعي والمتقاعدين، والمشمولين بالضمان الاجتماعي، غير أن اللجنة لم تتوصل مع الحكومة إلى اتفاق على هذا التعديل.
وفي بند المشاريع، اعتبرت اللجنة ان مشروع «المارشال الخليجي»، الذي سيقدم دعما للبحرين بمبلغ قدره 10 مليارات دولار على مدى 10 أعوام، سيخصص مبالغاً كبيرة جداً للمشاريع الإسكانية والبنى التحتية، لذلك فقد تراجعت اللجنة - بحسبها - عن عددٍ من الطلبات التي كانت قد تقدمت بها لزيادة الاعتمادات المخصصة لمصروفات المشاريع.
كما طالبت اللجنة بزيادة موازنة البيوت الآيلة للسقوط من 10 ملايين دينار سنويا إلى 15 مليوناً كل عام.
وشددت اللجنة المالية في توصياتها بشأن بند المشاريع على ضرورة وجود خطة زمنية واضحة المعالم لتنفيذ مشاريع قطاع الإسكان. وفيما يخص عجز الموازنة، فقال تقرير اللجنة المالية إن مشروع القانون المقدم من الحكومة قدرها بمبلغ 372.7 مليوناً لعام 2011 و 440.4 للعام الذي يليه، ويمثل هذا العجز ما نسبته 4.4 في المئة و4.9 في المئة من الأرقام المتوقعة للناتج المحلي الإجمالي للعامين على التوالي.
وقالت اللجنة إنه بعد التعديلات التي تمت مناقشتها مع الحكومة والتي لم يتم الاتفاق بشأنها حول تقديرات المصروفات المتكررة ومصروفات المشاريع يصبح العجز في مشروع الموازنة مبلغ 771 مليونا لعام 2011 و703 ملايين لعام 2012، ويمثل هذا العجز 9 و7.8 في المئة على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع.
أجمعت الكتل النيابية الثلاث (المستقلين، الأصالة، المنبر الإسلامي)، التي تملك 17 صوتاً من ضمن النواب الـ 22 الحاليين، على أن مفتاح تمرير موازنة 2011 و2012 التي لم تقر للآن، موافقة الحكومة على زيادة الرواتب، معتبرين أن عدم تجاوبها مع هذا المطلب النيابي، سيؤدي دون مناص لرفضهم لها في جلسة يوم غدٍ (الثلثاء).
وقالت مصادر نيابية لـ»الوسط» إن اللجنة التنسيقية بين الكتل النيابية توصلت إلى اتفاقٍ نص على رفض الموازنة إذا لم يتم زيادة الرواتب.
ولفتت إلى أن تقرير اللجنة المالية الجاهز يوصي حتى الآن برفض اغلب مواد مشروع قانون الموازنة العامة للدولة، غير انه مازال هناك أملٌ ضئيل بتجاوب الحكومة مع المطالب النيابية في الوقت القصير المتبقي قبل جلسة الغد.
وأبدت المصادر إحباطا مشوباً بالحذر إزاء تجاوب الحكومة مع مطالب زيادة الرواتب، قائلة في هذا الصدد: «لو كان في نية الحكومة التفاوض معنا بشأن زيادة الرواتب لما صمتت أكثر من شهر عن الرد على مطالب اللجنة المالية على رغم تأخر إقرار الموازنة كثيراً»، مستدركة «مازال هناك يومان يفصلانا عن الجلسة، ونرجو أن يحدث فيهما شيء».
وأضافت «من المؤكد أن الكتل النيابية ومعها بعض النواب المستقلين أبدت استعدادها لرفض الموازنة خلال جلسة الثلثاء إذا لم تستجب الحكومة لدعوات زيادة الرواتب بما لا يقل عن 75 ديناراً لكل موظف».
وأكملت «حتى اللحظة لا يوجد تجاوب حكومي مع مطالب اللجنة، ويبدو أنها لا تريد مناقشة الموازنة في الفترة الحالية، غير أنه وبحسب القانون لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال فض دور الانعقاد الحالي الذي لم تتبق عليه إلا عدة جلسات، دون إقرار الموازنة العامة للدولة».
إلى ذلك، بات من المؤكد أن تحدث جلسة الغد توتراً حكوميا نيابيا، سيكون الأول من نوعه منذ قرابة الشهر، إذا لم تسعف الساعات المتبقية الطرفين للتوصل لاتفاقٍ «ما» بينهما.
ويطرح فتور الحكومة غير المعهود إزاء تأخر إقرار النواب لإقرار الموازنة تساؤلاتٌ جادة بشأن رغبتها في إقرار الموازنة الجديدة التي تأخرت أكثر من أربعة أشهر دون أن تجد طريق النور.
وفي المقابل، فإن الصمت الحكومي، سيصعّب مهمة الكتل النيابية في إقناع الأولى بفتح خزائنها الموصدة، وتمرير زيادة الرواتب.
وفي حال رفض النواب تمرير الموازنة غدا، فإن خيارات النواب المقبلة قد تكون أضيق من الحكومة، إذ سيكون بإمكان الأخيرة استخدام المادة 87 من الدستور، إذ سيكون لها الحق أن تطلب انعقاد المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى) لمناقشة الموازنة حيث يتولى رئيس مجلس الشورى رئاسة هذه الجلسة ويتم التصويت فيها على مشروع قانون الموازنة العامة.
وإذا ما أجمع النواب فعلا على الرفض فسيعيد ذلك السيناريو ذاته الذي حصل لموازنة 2009 و2010 السابقة التي أجمع النواب على رفضها حينها، بعد 4 أشهر من المداولات مع الحكومة.
وكان مجلس النواب السابق، صوّت بالإجماع في جلسته 5 مارس/ آذار 2009، على رفض مشروع الموازنة العامة للدولة للعامين الماليين 2009/ 2010، وذلك بعدما وصلت المفاوضات الحكومية النيابية التي استمرت أربعة أشهر إلى طريق مسدود، بعد مطالبات النواب بصرف علاوة الغلاء لمستحقيها، وزيادة الموازنات المرصودة لوزارات الصحة والتربية والتعليم والإسكان ومشروع البيوت الآيلة للسقوط، التي قوبلت برفض حكومي، قبل أن توافق الحكومة لاحقاً عليها. وعلى رغم تشابه الحدثين، إلا أن الحكومة أبدت استجابة سريعة لتمرير موازنة 2009 و2010، بعد رفض النواب لها، إلا أنها لحد الآن لا تبدي أية مرونة إزاء الرفض النيابي الحالي
العدد 3152 - الأحد 24 أبريل 2011م الموافق 21 جمادى الأولى 1432هـ