العدد 1302 - الخميس 30 مارس 2006م الموافق 29 صفر 1427هـ

تعقيباً على «روافد» الأربعين: عن جابر الأنصاري (ص)وزيارة الشهداء

لفت نظري عمودكم حول قصيدة «أحرم الحجاج» للشيخ حسن الدمستاني (ره) التي تعتبر من عيون الأدب الحسيني ومفخرة أهل البحرين في المراثي الحسينية، والتي وصفتموها بحق بأنها من تراث البحرين الوطني في الشعر الحسيني، وذلك في عمود سابق نشر في محرم الحرام الماضي بمناسبة ذكرى عاشوراء، وتطرقتم فيه إلى اعتزاز أهل البحرين بهذه القصيدة العصماء التي أعطت للبحرين مكانة مرموقة في أدب الرثاء الحسيني. ثم تحدثتم في عمودكم «روافد» بتاريخ 20 صفر الجاري (20 مارس/ آذار 2006) بمناسبة ذكرى الأربعين عن مرثية الأربعين التي مطلعها «قم جدد الحزن في العشرين من صفر» وهي قصيدة عصماء أخرى في الرثاء الحسيني تعرف عادة بقصيدة أو مرثية الأربعين، ولكن فاتكم، خلافا لعادتكم الصحافية، ان تتطرقوا إلى جميع جوانب هذه القصيدة العصماء. فهذه القصيدة الشهيرة هي مفخرة أخرى من مفاخر أهل البحرين في الشعر الحسيني لأن ناظمها هو السيد هاشم الصياح الستري (ره)، وقبره لايزال معروفاً إذ يقع عند المدخل الغربي لقرية «الكَوَرَة» داخل حجرة صغيرة تعتبر ملحقاً لأحد مساجد هذه القرية الواقعة جنوبي قرية توبلي أو شرقي مدينة عيسى. وقد نظمها على الأرجح، وطبقاً لآراء كثير من الباحثين في الأدب الحسيني، لغرض استكمال ملحمة الطف الواردة تفاصيلها في قصيدة «احرم الحجاج» للشيخ الدمستاني، ما عدا موضوع عودة الركب الحسيني من الشام إلى كربلاء، فجاءت قصيدة السيدالستري لاستكمال هذه النقطة المهمة في تفاصيل الملحمة الحسينية الشريفة. وقد أحسنتم في عمودكم بالإشارة إلى أن الصحابي جابر بن عبدالله الأنصاري (رض) سبق الركب الحسيني الكريم في الوصول إلى كربلاء لزيارة المرقد الحسيني الطاهر، وسجل بذلك اسمه في التاريخ كأول زائر لقبر الشهيد السبط (ع)، ولكن فاتكم أن الركب الذي ضم هذا الصحابي الجليل (رض) وخادمه عطية العوفي، لم يكن ركباً صغيراً كما ذكرتم، بل كان ركباً كبيراً ضم جماعة من أجلاء بني هاشم والصحابة كان ذلك الصحابي الجليل الكفيف البصر على رأسهم، مستعينا بخادمه عطية العوفي كدليل له على الطريق، طبقاً لما جاء في كتاب «الملهوف» للسيد ابن طاووس (ره).

والصحابي جابر هو ابن الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن حرام السلمي الخزرجي الأنصاري الشهيد في واقعة «أحد» الشهيرة العام 3 للهجرة النبوية الشريفة، إذ استشهد والده مع سبعين من الصحابة وعلى رأسهم أسد الله ورسوله حمزة بن عبدالمطلب (رض)، ومن هنا جاءت محبة الرسول (ص) العظيمة لجابر، ليس لكونه صحابياً مؤمناً ومجاهداً محتسباً في سبيل الله ومصدقاً لرسالته فحسب، وإنما كان أيضاً ابناً لشهيد مجاهد من شهداء «أحد» الخالدين، إذ كان الرسول الأكرم (ص) شديد الحب والعطف على جابر، وفاءً لروح والده الطاهرة التي ضحى بها في سبيل الله في إحدى معارك الإيمان الكبرى، وذلك كعادته مع جميع أبناء الشهداء الأبرار (رض). وقد شهد جابر (رض) مع والده بيعة العقبة الثانية التي ضمت سبعين من الأنصار الذين بايعوا الرسول الأعظم (ص) وكان جابر أصغرهم يومئذ، فيما شهد أبوه عبدالله (رض) البيعتين: الأولى التي ضمت أثني عشر من الأنصار، والثانية التي ضمت سبعين رجلاً من الأنصار. وبشهادة جابر (رض): «أن رسول الله (ص) غزا بنفسه إحدى وعشرين غزوة شهدت منها معه تسعة عشرة»، وشهد أيضاً بقوله: «لم أشهد بدراً ولا أحداً، منعني أبي فلما قتل يوم أحد لم أتخلف عن رسول الله (ص) في غزوة قط». وأراد أن يشهد بدراً فخلفه أبوه على أخواته وكن تسعاً وخلفه أيضاً حين خرج إلى أحد وشهد ما بعد ذلك من المشاهد. كما شهد صفين مع أمير المؤمنين الإمام علي (ع). وقد جاء في «أسد الغابة» عن الكلبي أنه عمي في آخر عمره، كما أنه آخر من مات بالمدينة ممن شهد العقبة.

وقد فاتكم أيضاً أن هذا الصحابي الكبير لم يسن آداب زيارة مقامات الشهداء وإنما فعل ذلك اقتداء بسنة رسوله العظيم (ص) الذي دأب على زيارة مثاوي الشهداء ولاسيما شهداء «أحد» للترحم عليهم ولإظهار الإجلال والتقدير لتضحياتهم الجليلة في سبيل الله. ما وددت بيانه هنا هو أن تذكروا في سياق عرض الموضوع الذي تتناولونه جميع الجوانب المهمة فيه ليأتي وافيا وشاملاً ومتكاملاً وذلك كعادتكم في العرض.

كاتب بحريني

العدد 1302 - الخميس 30 مارس 2006م الموافق 29 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً