أجمل ما يلفت اهتمام المتابع لفعاليات مهرجان الدوحة الثقافي في دورته الخامسة هي الأجواء الحميمية المريحة التي تصاحب من دون تكلف ساحة المقهى الثقافي التي تمتلئ كل يوم في فندق ريتز كارلتون بحشد كبير من المثقفين والشعراء والشباب نساء ورجالاً يقصدون المقهى ليناقشوا معاً الأفكار والآراء عن مختلف الأمور وما يجيش في صدورهم من قضايا مجتمعاتهم وأمتهم.
ففكرة المقهى الثقافي في المهرجان تنفذ للعام الثاني على التوالي، بل وبسبب نجاح مشروع المقهى فقد تولد لدى القطريين المهتمين بتنمية قطاع الثقافة احساس بضرورة تشييد مقهى دائم سيتم افتتاحه قريباً بعد الانتهاء من المهرجان، وذلك في مقر مبنى يعرف باسم «البيت الخليفي» وهو بيت تراثي يقع على كورنيش العاصمة القطرية، إذ سيكون مقراً مفتوحاً أمام المثقفين والمهتمين والشعراء والفنانين والإعلاميين العرب ليتواصلوا مع بعضهم بعضاً على مدار العام بحيث يخدم الحراك الثقافي العربي، وذلك بصورة مستمرة.
ليس هذا فحسب فالدوحة المرشحة بأن تكون عاصمة الثقافة في العام 2010 تشيد اليوم حياً ثقافياً كبيراً يضم مدرجاً رومانياً ومسرحاً، إضافة إلى صالة عروض للمسرح والموسيقى والفن ودار للأوبرا وكل ما قد يخدم الفنانين والمسرحيين وغيرهم في مجال ابداعاتهم وعروضهم بحيث يجمع الحي شتات الفعاليات الثقافية التي تقام هنا وهناك في العادة، إذ تجتمع جميعها في بوتقة واحدة.
إن مثل هذه المشروعات التي تبنتها قطر ضمن تأسيس بنيتها الثقافية في مساع إلى نشر جميع أوجه الثقافة في العالم هي مسعى تشكر عليه.
وعلى رغم أننا في البحرين جاءت هذه المساعي بصورة فردية، على رغم حاجتنا الماسة لها... إلى مبادرات متمثلة في شخص الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي آل خليفة في دعمها المتواصل في تشييد بيوت للثقافة في احياء المحرق القديمة وقريباً مع بيت إبراهيم العريض للشعر الذي سيفتتح يوم الاثنين المقبل في احياء المنامة القديمة، فإنها مساع شخصية محبة للثقافة لا رسمية، غير أننا نأمل أن تأتي بوادر رسمية جادة تدعم الحراك الثقافي بما فيه اشراك القطاع الخاص كما حصل مع تجربة فعاليات «ربيع الثقافة» التي اختتمت فعالياتها أمس بأمسية «تقاسيم» للفنان اللبناني الملتزم مرسيل خليفة.
البحرينيون بشتى أطيافهم واهتماماتهم في ظل الحراك السياسي الذي تعيشه البلاد مع الأجواء الأخرى المصاحبة لحال الانحياز لكل ما هو جميل، هم اليوم في أمس الحاجة إلى متنفس آخر يخرجهم من حال ثقافة السواد والحزن التي تخيم على معظم أشهر السنة من دون أن نرى ثقافة الألوان والبهجة كالتي نراها متجلية على وجوه القطريين وفي شوارعهم المرحبة والمزدانة بكل لون وثقافة قادمة من الغرب أو من الشرق... فهل نجد ما يجمع المبدعين ويجمع شتات فعالياتهم الثقافية في البحرين؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1301 - الأربعاء 29 مارس 2006م الموافق 28 صفر 1427هـ