العدد 2459 - السبت 30 مايو 2009م الموافق 05 جمادى الآخرة 1430هـ

الحوار المدني العربي الأميركي اللاتيني... لماذا تخلف العرب؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عرضنا في الحلقة السابقة وجهات النظر التي طرحها قياديون سابقون ونشطاء حاليون في منظمات المجتمع المدني في أميركا اللاتينية، لتجربة أميركا الاتينية في الانتقال من حكومات دكتاتورية استبدادية إلى حكومات ديمقراطية منتخبة ونعرض في هذه الحلقة وجهات نظر نشطاء في المجتمع المدني العربي.

لماذا تكسرت أمواج الديمقراطية

عرض الأمين التنفيذي للمؤسسة العربية للديمقراطية محسن مرزوق محاولات الإصلاح العربي منذ بداية القرن التاسع عشر من قبل حاكم مصر محمد علي باشا حتى الآن. كما عرضت إلى محاولات الإصلاح والتحول الديمقراطي في أكثر من بلد عربي، والتي جرى إجهاضها بتظافر قوى الاحتلال الأجنبي (أميركا و«إسرائيل») وتدخل القوى الكبرى، وتمترس القوى الحاكمة في السلطة واستيعابها للضغوط وإقامة أشكال مشوهة للديمقراطية تجهض الديمقراطية الحقيقية.

وتساءل مرزوق لماذا نجحت الموجه الديمقراطية التي اجتاحت العالم بعد سقوط جدار برلين في 1990، على امتداد شرق أوروبا وجنوبها وفي أميركا اللاتينية والكثير من بلدان إفريقيا، بينما تكسرت أمواجها على صخور الاستبداد والتحجر العربي؟

في محاولة للاجابة على ذلك عرضت عدة أوراق التجارب عربية مختلفة عرض المهندس عبدالنبي العكري لورقة حول تجارب العدالة الانتقالية العربية من المغرب إلى البحرين. وقد عرضناها في ورقة منفصلة.

عرض السيد محمد علي المدير تجربة مصر في الانتقال الديمقراطي والتحديات المحيطة بها. أكد أن دور القوى الخارجية الغربية سلبي، إذ إنها ركزت على الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة بالتبعية وفتح السوق، وغضت النظر عن الإصلاحات السياسية، كما أن النظام يستغل التدخلات الخارجية للظهور المدافع عن السيادة الوطنية في مواجهتها. إن التجربة المصرية منذ إعلان السادات في 1977 بالتعددية الحربية مازالت تراوح مكانها طوال 32 عاما. وذكر أن هناك ثلاثة خيارات للانتقال إلى الديمقراطية وهي:

1 - الرهان على التحركات الاحتجاجية الاقتصادية والفئوية التي تشهدها مصر، هو رهان خاسر لأن هذه التحركات ليست سياسية والنظام قادر على استيعابها.

2 - إسقاط النظام من خلال العنف، وقد يترتب عليه استيلاء القوى الإسلامية أو العسكر على السلطة لأن القوى الديمقراطية غير موحدة وغير قوية.

3 - الخيار الممكن هو الانتقال من خلال تسوية ما بين النظام والمعارضة تستند على سيادة الأمة، ونظام ديمقراطي حقيقي وترشيخ مبدأ المواطنة المتساوية.

أما التحديات التي تواجه هذا الخيار فكثيرة أهمها:

1 - ضعف التغيير وعدم توافقها وغياب إرادة التغيير في ظل احتكار السلطة وغياب نزاهة الانتخابات والفساد والأزمة الاقتصادية.

2 - التدخلات الخارجية وفي مقدمتها الدور الأميركي المرفوض شعبيا، وتخوف من تكرار تجربة العراق الفاشلة على يد الأميركان واستمرار الصراع العربي الإسرائيلي الذي يستخدم كمبرر لاستمرار حالة الطوارئ.

3 - ضعف الثقافة الديمقراطية في الحياة العامة.

الاستاذ صلاح الجورشي، منسق مشروع الإصلاح والتحول الديمقراطي للمؤسسة العربية للديمقراطية عرض تجارب التغيير السياسي في البلدان العربية بطريقتين:

1 - رغما عن السلطة من خلال الثورة والانقلاب العسكري والمقاومة المسلحة.

2 - بموافقة السلطة وهذه استثنائية كما في عهد سوار الذهب في السودان في الثمانينيات وبالنسبة إلى الوضع الراهن يرى الجورشي أن كلا الاحتمالين غير واردين حاليا بسبب:

1 - الثورة الشعبية غير مطروحة لأسباب كثيرة.

2 - العصيان المدني غير محتمل، وأن حدث فسيؤدي إلى تفكيك الدولة وتقسيم البلاد وعرض على أبرز ظاهر الأزمة الحالية للأنظمة السياسية العربية وهي:

1 - تآكل شرعية الأنظمة العربية. حيث تتمركز السلطة في شخص يحيط به فراغ، وباستثناء الملكيات العربية التي لها بعض الشرعية التاريخية.

2 - تفاقم الأزمات بسبب تدني موارد الدولة بحيث أضحت عاجزة عن سد الاحتياجات الأهلية، والتي كانت تقدم بعضها، والبطالة المرتفعة وضياع الشباب وأزمة ثقة في الخطاب السياسي حيث تتجلى الأزمات في انفجارات مسلحة واحتقانات واسعة.

3 - تغير الظروف الدولية، حيث تجتاح العولمة بكل تجلياتها العالم ومعها موجة الديمقراطية التي أطاحت بالكثير من الأنظمة الاستبدادية.

4 - تراجع دور اليسار على المستوى الوطني والدولي، وصعود القوى الديمقراطية والإسلامية والليبرالية.

ولخص الجورشي الظروف والأسباب التي تضعف التحول الديمقراطي في الوطن العربي في غياب الاحزاب معارضة قوية وغياب أو عدم وعي طبقة رجال الأعمال لدورها في الإصلاح كما هو الحال في تركيا، وضعف الثقافة الديمقراطية، وغياب التحالف المتين لأحزاب المعارضة وقوى التغيير، وتكرار الأخطاء من قبل قوى التغيير.

عرض محمد اليازغي الأمين العام السابق للاتحاد الاشتراكي المغربي والوزير السابق في عدة وزارات في مرحلة الاصلاح لتجربة المغرب وعوامل نجاحها في التحول والإصلاح الديمقراطي.

1 - توافق مع الحكم واتفاق لأحزاب المعارضة على ضرورة الإصلاحات وتدرجها.

2 - استنهاض المرأة ومشاركتها السياسية.

3 - تحولات في التنظيمات والفكر الإسلامي للإقرار بالديمقراطية والتعايش مع الآخرين.

4 - إقامة مجتمع يشارك الجميع في إدارته من القاعدة إلى القمة.

أما أشرف راضي من الجمعية المصرية للتنوير فقد عرض ثلاث إشكاليات وهي:

1 - ضرورة التفريق بين انتقال السلطة والذي قد لا يترتب عليه إصلاح ديمقراطي وبناء الديمقراطية.

2 - التسلطية ليست مقتصرة على النظام السياسي، بل هي قضية مجتمعية بالأساس والمطلوب تفكيك البيئة التسلطية بدءا بالأسرة وانتهاء بالدولة والمجتمع.

3 - الدور الخارجي وخصوصا دور الولايات المتحدة محصلته سلبية. منصور الجمري - رئيس تحرير «الوسط» عرض لظاهرة ارتباط التراجع عن الخيار الديمقراطي كلما ارتفعت أسعار ومداخيل النفط في منطقة الخليج، وعرض لظاهرة المتناقضات من حيث تحديث الحياة المادية من المدن والرفاهية ووسائل الحياة الحديثة، وفي ذات الوقت التوجه لتعزيز القيم البدوية والعشائرية والسلفية، وتزايد الحديث الرسمي عن الديمقراطية والإصلاح وفي ذات الوقت تزايد الاستبداد والاستئثار بالسلطة والثروة، وممارسة التمييز والإقصاء بحق غالبية المواطنين والمرأة والشباب.

أما الشيخة حصة بين خليفة آل ثاني، المقرر الخاص من قبل الأمين العام للأمم المتحدة المعنى بالاعاقة فقد أكدت الحاجة إلى الانفتاح والتحاور بشكل صريح وشفاف، وعدم الاستمرار في التشخيص بل الانتقال لوضع الحلول، وخلق وتعزيز الثقافة الديمقراطية والحداثة بدءا بمناهج الدراسة لمختلف المراحل، وعرضت في ذلك تجربة التعليم في قطر.

وزير حقوق الإنسان السابق محمد أوجار لخّص تجربته بالقول:

1 - لا يوجد نموذج للإصلاح والتحول الديمقراطي بل بتوجب استخلاص الدروس والعبر.

2 - التجارب المرة للتنكر لنتائج انتخابات حرة كما في الجزائر في التسعينيات بنجاح الإسلاميين، وتنكر الغرب لخيار الشعب الفلسطيني بانتخاب ممثلي حماس، وضياع فرصة الانتقال الديمقراطي في الحالتين.

3 - الانقلاب على الشرعية المنتخبة في موريتانيا والابتهاج في الشارع وتأييد ثلثي أعضاء البرلمان، وقوى المعارضة للانقلاب مما يثير الحيرة والدهشة، ويحبط محاولات الديمقراطية.

4 - الحاجة للعمل مع النساء والإسلاميين والشباب والمهمشين.

وحيى محمد اوجار قيام المؤسسة العربية للديمقراطية باحتضان الفعاليات والنشاطات والنتاج الفكري الذي يصب في مجرى الإصلاح والتحول الديمقراطي.

الأستاذ الغالي المدير التنفيدي لمركز الكواكبي لبحوث الديمقراطية والإصلاح عرض لمجريات اجتماع الخبراء العرب في العدالة الانتقالية، الذي عقد في البحرين مؤخرا وبرنامج الفريق

الطيب التيزيني، أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق عرض لظاهرة جديدة في بنية الأنظمة الاستبدادية العربية وهي أجهزة الأمن السرية التي لا تتبع رئيس الوزراء أو أي من الوزراء بل تتبع رأس النظام، وهي غير محاسبة من قبل البرلمان إن وجد، وليس لها وجود رسمي أو موازنة محددة، وهذه تتكفل بما تخجل أو تتحرج أجهزة الدولة بعمله من تصفيات، وردع للمعارضين.

وفي الختام لخص الأمين التنفيذي للمؤسسة العربية للديمقراطية محسن مرزوق استخلاصات المنتدى المدني العربي الأميركي اللاتيني، ووعد بطبعه في كتاب باللغتين العربية والاسبانية، كما اقترح الاتفاق مع قناة الجزيرة أو أية محطة فضائية ترغب في الترويج لما طرح في المنتدى ومتابعة عرض الموضوعات ذات الصلة. كما اتفق على إقامة منتدى دائم للحوار المدني العربي الأميركي اللاتيني

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2459 - السبت 30 مايو 2009م الموافق 05 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً