العدد 1300 - الثلثاء 28 مارس 2006م الموافق 27 صفر 1427هـ

الإدارة الشخصية الكلية

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

قبل أسبوعين كنت في النادي الصحي ووجدت أحد معارفي مستلقياً على ظهره، وعيناه معلقتان في السماء، كان وجهه شاحباً كأن كل هموم الدنيا انكبت عليه.

سألته: «هل أنت بخير؟»

قال «كلا»، وهو يهز رأسه. ثم بدأ بالتحدث عن كيف هو مل من العمل. «نفس الشيء الممل يوماً بعد يوم». الغريب في الأمر هو إن معظم شكواه لم يكن عن كثرة العمل، بل عن عدم وجود طعم لذلك العمل. عمل قام به لأكثر من 10 سنوات.

وضع هذا الشخص يأتي بنا إلى موضوع الإدارة الشخصية الكلية. هنا لا نقصد كيفية استخدام الوقت أو التدبير المنزلي، بل نعني تلك الإدارة التي تهتم بتميز كل شخص عن الآخر. فلكل واحد منا طموح وأحلام وأهداف، ولكل منا ظروف تلزمنا وتضع قيوداً على قدراتنا على تحقيق ما نرغب به. والإدارة الشخصية تسعى للوصول إلى أقصى حد من النجاح الكلي، والذي لا يقتصر فقط على المعاش أو الضمان، بل أيضاً يتضمن كل ما يعشقه ويرغب به الشخص.

جوهر الإدارة الشخصية الكلية هو الالتزام بما أنت تريده وترغب به. كم من مرة رأينا نفس حالة الشخص أعلاه؟ كم من مرة أجبر ابن باتباع خطوات أبيه؟ كم من مرة أجل شخص أحلامه لسنة أخرى مع ضمان المعاش والاستقرار؟ في كل الحالات النتيجة تبقى كما هي: العمل في وظيفة لا تطاق ولا تروي شغف الحياة. وعادة يتحجر الشخص في وضعه، ولأنه لا يهتم بتطوير نفسه في عمله، لا يحظى بالترقيات والمناصب المهمة. وإذا عارضت هذا الرأي، فأجب عن التالي: هل تريد أن تعالج من قبل طبيب أجبر على دراسة الطب «ربما والده يملك مستشفى ويريد ابنه أن يعمل معه»، أم طبيب أصبح كذلك من ذاته ورغبته وحبه للعمل على شفاء الناس؟

كان أب المخرج السينمائي الكبير جورج لوكاس يملك تجارة مربحة وأراد ابنه أن يعمل معه، لكن قرر جورج على أن يساير طموحه وأن يدرس الإخراج لأن هذا هو ما يريده ويعجبه. ربما قد شاهدت أفلام ستار وورز. اليوم لوكاس من أثرى وأنجح المخرجين في العالم.

بينما الانشقاق عن المعتاد عليه والضمان صعب لمن هو مسئول عن عائلة، يبقى الأمر؛ أو بالأحرى المستقبل، مفتوح أمام الشباب. على الشباب ألا يتأخروا في مسايرة ميولهم واستكشاف رغباتهم في بداية حياتهم العملية، لأن هذه الفرصة قد تفوتهم بعد 10 سنوات وقد لا تعوض.

البحرين، أكثر من أي بلد آخر في الخليج، تحتاج إلى شباب لا يقيد نفسه بما هو مألوف، بل ينطلق إلى المجهول، إلى أين يجد مراده. كما يقال، إن وجدت عمل تحبه، فلن تعمل طيلة حياتك... وستسعى ليلاً نهاراً في المجال الذي يبرر سبب وجودك، محققاً أكثر من مجرد المال

العدد 1300 - الثلثاء 28 مارس 2006م الموافق 27 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً