مع التطور العمراني الذي رافق دعوات الاستثمار في السواحل، وما تبع ذلك من ردم إلى البحر، ربما تكون الحكومة نست، أو لنقل تناست البحارة المحترفين الذين يعتمدون في مدخولهم على البحر بصفة أساسية. ويبدو أن مشكلة البحارة لن تتوقف عند هذا الحد، فمع المشروعات التي غزت المصائد البحرية ومع الردم الذي قضى على أهم الثروات السمكية، يتضح من الوهلة الأولى أننا أمام مشروعات أكثر مما يعني أن ما تبقى من الثروة البحرية سيذهب في مهب الريح، وعندها سيرمى بالبحارة خارجا...
ولكن، هل ما يجري من ردم وتدمير للثروة البحرية ينم عن رؤية غير ثاقبة نحو المشروعات؟ وإلا فلماذا أغفلت الحكومة فئة البحارة المحترفين وسمحت للعمارات والمباني وغيرها من المشروعات في بيئة من المفترض أن تكون محمية؟
في الماضي ذهب خليج توبلي، وهو أهم حاضنة للروبيان والأسماك الصغيرة على مرأى ومسمع من الحكومة، وأخذ المتنفذون يتقاسمونه وكأنه غنيمة أو ارث ، واليوم نحن أمام أزمة أخرى وهي أزمة تدمير المحميات البحرية وأزمة استملاك السواحل البحرية، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإن ذلك يعني اختفاء هذه الثروة، وعندها سنعتمد على استيراد الأسماك من دول الخليج ومن الدول المجاورة بعد أن كانت البحرين تعرف بدرة الخليج وأرض اللؤلؤ وبعد أن كان الخليجيون يعتنون لشراء أصناف من السماك التي اشتهرت بها مياه البحرين!
وغدا نحن أمام مشروع المدينة الشمالية، وجسر سترة، ناهيكم عن المشروعات التي يعلن عنها في الصحف... كم هو غريب أن الحكومة، في الوقت الذي يكشف مركز البحرين للدراسات والبحوث وإدارة الثروة السمكية عن وضع خطير في مياه البحرين، تبقى صامتة، ليظل البحارة يعيشون على أنغام الحفارات التي تجرف الرمال وتهدم في طريقها كل محمية وكل بيئة وكل مصدر للحياة.
ولعل البحارة لاقوا جزاء «سنمار»، فبدل أن يحصلوا على الدعم المادي والمعنوي نرى فترة حظر الروبيان تطبق عليهم وتستثنى الحفارات من هذه الفترة ولا يشملها الحظر! ويدرك البحارة جيدا أنهم خارج اللعبة، وسيكون مصيرهم أن يتركوا سفنهم تغرق على أعتاب المشروعات الاستثمارية، ولكنهم يريدون التأكد من مصيرهم، فهل ستقوم الحكومة بتعويضهم عما خسروه، أم هل ستقوم الحكومة بتوفير أعمال لهم... أو أنهم سينضمون إلى ركب العاطلين عن العمل
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1300 - الثلثاء 28 مارس 2006م الموافق 27 صفر 1427هـ