العدد 1300 - الثلثاء 28 مارس 2006م الموافق 27 صفر 1427هـ

تقرير وكالة «بنا» عن البطالة غير منصف

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

أقل ما يمكن أن يقال عن التقرير الذي صدر حديثا عن وكالة أنباء البحرين (بنا) عن البطالة بأنه غير منصف. بل أن التقرير يفتقر إلى الصدقية لأنه لم يوفر الأدلة الكافية لتعزيز مزاعمه بشأن الهبوط الكبير في مستوى البطالة في البحرين.

باختصار، زعم التقرير أن نسبة البطالة في البحرين تدنت من 15 في المئة في العام 1998 إلى 5,4 في المئة في العام 2005. واستند التقرير إلى إحصاءات مأخوذة من البرنامج الوطني للتوظيف للوصول إلى النسبة الجديدة للبطالة.

مقارنة التفاح بالبرتقال!

لكن فات على من كتب التقرير وجود فرق جوهري في الأرقام المنسوبة لكل من العامين 1998 و2005. فقد تضمنت إحصاءات العام 1998 نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة البحرينية فقط. أما نسبة 5,4 في المئة للعام 2005 فتعود إلى البطالة فيما يخص الحجم الكلي للقوى العاملة بما في ذلك الأجانب. والمعروف أن الأجانب يشكلون السواد الأعظم من القوى العاملة (57 في المئة حسب دراسة مركز البحرين للدراسات والبحوث والمعتمدة من قبل وزارة العمل). بمعنى آخر فإن تقرير (بنا) قارن بين التفاح والبرتقال وليس بين التفاح والتفاح أو البرتقال والبرتقال.

من أين لك هذا؟

من جهة أخرى، لم يشر التقرير إلى أرقام العاطلين في العام 1998 فضلاً عن القوى العاملة من المواطنين والأجانب، لكنه اكتفى بالإشارة إلى أن نسبة البطالة في ذلك الوقت. ولا نعرف حقيقة فيما إذا كانت الوكالة نفسها تمتلك الجرأة الكافية للإشارة إلى نسبة البطالة هذه (15 في المئة) حينها في العام 1998، لكن حسب متابعتنا فإن سمو ولي العهد هو أول من أشار إلى وجود بطالة قدرها 15 في المئة، وذلك في بداية العام 2003. بل أن الحكومة، و قبل تولي صاحب الجلالة مقاليد السلطة في البلاد في مارس/ آذار من العام 1999، كانت تشير إلى النسب الدنيا فيما يخص البطالة زاعمة بعدم وجودها أصلا.

أما بخصوص نسبة البطالة للعام 2005 وهي 5,4 في المئة (وبهذه الدقة المتناهية) فنريد أن نسأل من كتب التقرير عن كيفية توصله إلى هذه النسبة؟ ويبدو أن التقرير استند إلى الرقم الصادر من قبل البرنامج الوطني للتوظيف وهو 13939 لمعرفة عدد العاطلين. ويفهم من هذا الرقم بأن حجم القوى العاملة هو 258130 فردا. فعند تقسيم 13939 على 258130 نحصل على نسبة قدرها 5,4 في المئة.

لكن يبدو جليا أن من كتب التقرير غير مطلع بشكل كاف على التطورات الاقتصادية في البلاد. فحسب الأرقام المنسوبة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وديوان الخدمة المدنية بلغ حجم القوى العاملة في البحرين في الربع الثالث من العام 2005 تحديدا 319154 فردا، موزعين على النحو التالي: 100868 مواطناً زائداً 218286 أجنبياً. كما انه لابد من التذكير بأن هذه الإحصاءات لا تشمل العاملين في القطاعين الأمني والعسكري. لكن حسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن فإن هناك أكثر من 22 ألف يعملون في الدوائر الأمنية والعسكرية في البحرين. بمعنى آخر فإن الرقم الحقيقي لعدد القوى العاملة في البحرين يزيد عن 340 ألف شخص غالبيتهم من الأجانب.

البطالة في حدود 12 في المئة

ربما نحتاج أن نذكر من كتب التقرير بأن دراسة مركز البحرين للدراسات والبحوث بخصوص أرقام العام 2004 والتي نشرت نتائجها في العام 2005 كانت قد أشارت إلى أن نسبة البطالة في البحرين هي 14 في المئة. وقد تم التوصل إلى هذا الرقم بواسطة تقسيم عدد العاطلين (20199) على حجم القوى العاملة البحرينية وعددهم 143300 فرد ما بين عامل وعاطل. يذكر أن وزارة العمل هي من أوكلت مركز البحرين للدراسات والبحوث للقيام بالدراسة وتبنت نتائجها بكل شجاعة.

ثم أن هناك دراسة دراسة ماكينزي والتي أشارت إلى وجود ما بين 16 ألف و 20 ألف عاطل عن العمل في العام 2002. وعلى هذا الأساس تراوحت نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة البحرينية ما بين 13 أو 16 في المئة.

بيد أنه يمكن تفهم بأن نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة الوطنية ربما تدنت إلى حدود 12 في المئة استنادا إلى أرقام العاطلين في المشروع الوطني للتوظيف فضلا عن ظهور إحصاءات رسمية جديدة للفصل الثالث من العام 2005. و على هذا الأساس ربما تراجعت البطالة من 15 في المئة في العام 1998 إلى 14 في المئة في العام 2004 (حسب دراسة مركز البحرين للدراسات والبحوث) ثم إلى نحو 12 في المئة في الفصل الثالث للعام 2005 (وليس السنة الماضية بشكل كامل نظرا لعدم توافر إحصاءات نهاية السنة)، لكن بالتأكيد ليس إلى 5,4 في المئة كما يزعم تقرير (بنا).

ربما كان الهدف من التقرير دغدغة مشاعر الناس بخصوص تدني نسبة البطالة. لكن نسي من كتب التقرير أن المواطن البحريني قارئ ملهم ويرغب في الحصول على الأرقام الحقيقية ويرفض الخزعبلات. وفي هذه العجالة نرغب أن نكرر العبارة المشهورة لمن كتب التقرير: فإن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم. أي إذا كنت تعلم الفرق بأن أرقام العام 1998 كانت تعود للقوى العاملة المحلية بينما أرقام العام 2005 للقوى العاملة المحلية والأجنبية مجتمعة، وأردت أن تخفي الحقيقة فذاك خطأ غير مقبول. أما إذا كنت لم تعلم فيا لهول المصيبة بأن يصدر تقرير من وكالة أنباء رسمية يكتب من قبل أفراد لا يعرفون ألف باء الاقتصاد البحريني.

ختاما ندعو وكالة (بنا) إلى التراجع عن التقرير وتقديم الاعتذار للجمهور، فالاعتراف بالخطأ فضيلة حفاظا على صدقيتها، واحتراما لمشاعر العاطلين والشعب البحريني المثقف.

موضوع يوم غد (الخميس) يتناول التحدي الديمغرافي في البحرين

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1300 - الثلثاء 28 مارس 2006م الموافق 27 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً