العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ

شهادة فريد غازي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ندوة أخيرة بأحد مجالس المحرق، قدم النائب المحامي فريد غازي رؤيته للوضع، والتي قد نتفق معه فيها إجمالاً وإن كنا نتحفظ على بعض التفاصيل، لكنها رؤية تستحق العرض والنقاش، خصوصاً إذا ما اقترنت في المجلس نفسه بتكرار رؤية مملة ومسطحة للساحة وحوادثها.

في المجلس نفسه وجه الكثير من اللوم إلى العلماء الذين لا يقفون ويتصدون للفئة الشبابية التي تقوم بأفعال هي موضع إشكال ومعارضة لدى الكثيرين. المتتبع للساحة يعرف جيداً ما آلت إليه الأمور في الأشهر الأخيرة من انفلات، فبعد ثلاث سنوات مارس خلالها الشيخ علي سلمان، رئيس أكبر جمعية سياسية معارضة، دور «الإطفائي»، وكانوا يتصلون به في منتصف الليل لينهض من فراشه ويركب سيارته للوقوف بجسده النحيل حاجزاً بين المتظاهرين أو المعتصمين وبين رجال الأمن. ثلاث سنوات كانت كلمته فيها مسموعة، يمارس دور الإطفائي دون كلل أو ملل، حتى وقف قبل أشهر في أحد مساجد العاصمة أمام الجمهور، فسمع ما لا يليق برجل يحترم نفسه، من تهجمات وتطاولات كادت تصل إلى حد الشتائم. وهذا هو سر انكفائه عن ممارسة هذا الدور في الفترة الأخيرة في نظري، فلم يعد للشيخ كلمة عند الفئات المندفعة.

هذه المسألة الواضحة جداً بالنسبة إلينا، يجهلها بعض المتحدثين في الندوة المذكورة، وما يؤكد رؤيتنا ما ذهب إليه النائب فريد غازي، بقوله: «في آخر ستة أشهر البوصلة عندي ضاعت، لا أدري ما يحدث، وما هي الأجندة»، والمتأمل في هذا الكلام سيكتشف دون صعوبة مدى تطابق هذه الانكفاءة مع «ضياع البوصلة» عند فريد.

الأهم من ذلك ما قاله بعد قليل في معرض تقييمه للحوادث الأخيرة، حين قال: «نحن نخطئ الحكومة قبل الناس في موضوع الطائفية»، واستعرض بعد ذلك عوامل أخرى مؤثرة، بعضها يمس المجتمع في طريقة التربية، وبعضها يخص الحكومة، خصوصاً فيما يتعلق بغياب التشريع على مدى ثلاثة عقود، وعدم وجود برامج شبابية ناجحة، وضرورة معالجة التراكمات العدائية التي تربى عليها جيل كامل من البحرينيين في ظل قانون «أمن الدولة»، فمن السهل جداً المطالبة بتشديد العقوبات، أو تحميل أحد الطرفين (الحكومة أو الشباب) المسئولية كاملة، لكن من الصعوبة بمكان البحث الموضوعي عن حلول جذرية.

هذا الطرح الموضوعي في مجمله، يقابله طرح تحريضي غوغائي خفيف الوزن، ساذج الفكرة، من قبيل إن ما يحدث إنما هو مقدمة للاستيلاء على السلطة! و«إننا نطالب بتطمينات من رجال الدين الشيعة (ومعذرة على استخدام مثل هذه المصطلحات المسيئة للسنة والشيعة في المقال) الذين يحركون الشارع». فهذه لغة تجاوزها الزمن، والسلطة نفسها ترفعت عن استخدامها في الإعلام الرسمي، ولم يعد يلوكها إلا المغفلون. حتى الأقلام المحسوبة على «الموالاة» لم تعد إليها لعلمها بأنها استهلكت حتى فقدت بريقها في السوق.

يقولون: تعرف الأشياء بأضدادها، وشهادة فريد غازي كشفت للجمهور سياسة التسلق و«توزيع الورود»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً