«إن الإنسان، قد أشكل على الإنسان»

أبوحيان التوحيدي

الثمن الذي دفعناه، هو هذه الحال التي لا تستقر على شيء، هي هذا الخوف، الحزن، الترقب، هي هذه الأيام التي نعيشها في انتظار الشؤم، هي هذه الرغبة الكبيرة لدى شتى الأطراف في تجريب المزيد من الألم.

الثمن الذي دفعناه، لابد لنا أن ندفعه، فهذه هي سياستنا، وهذه حياتنا، كُتِبت علينا سنين الصمت، ولا يغرينا أي صمت، يغرينا فقط، ذلك الصمت الذي لا يمر من خلاله الحب.

لماذا ندفع هذا الثمن؟

علمتنا معارف السياسة، أن النظم السياسية تتكون من مجموعة عناصر مترابطة، ومنظمة، ومنسقة، تستجيب لاثاراتها المتبادلة بكفاءة كاملة، هذه المجموعة من الشروط تؤسس لنا سياسياً ما يسمى بالنموذج السياسي، وهذا ما يطبق عليه ماكس فيبر بالأنماط المثالية، هل ثمة بيننا معارضة مثالية، ربما.

إن لم يكن ثمة معارضة، إذاً، هناك نموذج لشكل «معارضة». لكن السياسة علمتنا أيضاً، أن كل نموذج شكلي لابد أن تكون له صلات بالحقيقة والواقع، وليس رهين التخيل فقط. وهذا ما نجحت فيه المعارضة، وهو ان تحقق لنا «شكل المعارضة».

حين بحثت في «المعارضة الإلكترونية» اكتشفت صلة واحدة فقط بين المعارضة الإلكترونية وبين واقعنا السياسي في البحرين، وكان هذا الاكتشاف فكرة الإنقاذ لي حتى لا أذهب في البحث عن تعريف سياسي أكثر تعقيداً لمن اطلقت عليهم بانهم «شكل معارضة»، هذه الصلة هي تمثيل «الوحل السياسي»، هذا الوحل ليس توصيفاً سلبياً، بقدر ما هو محاولة لإبقاء «الأبطال الوهميين» أبطالاً في واقعنا البحريني.

أخيراً، يذهب buffoon إلى أن «النظام السياسي» قائم على «التدخل الأولي للإنسان الذي يصنف، ويرتب، ويجمع، وينظم الأشياء والأفكار التي تمثلها معطيات التجارب المحيطة بالنظام»، ومن هذه الزاوية تحديداً أرى أنه ليس ثمة نظام سياسي ولا أي شيء من هذا التعقيد.

وأن الأمر لا يحتمل أكثر مما حملته منذ بدء هذا الملف حتى نهايته، فالإنسان البحريني دفع ومازال يدفع ثمن شيء لا يعرفه، والمهم أننا نعرف تحديداً ذلك الثمن الذي دفعناه، من احلامنا وأعمارنا ومستقبلنا، أما الإجابة على سؤال لماذا دفعناه؟!، فهذا في حقيقة الأمر، أمر لا أهمية له، البتة...