العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ

بعد رفض المقترح الروسي... الملف النووي الإيراني من جديد

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مازال الموقف الأممي من الملف النووي الإيراني غير متفق على شكل البيان البريطاني الفرنسي المنتظر أن يصدره مجلس الأمن بعد طلب موسكو شطب نصف البيان وإلغاء الفقرة التي تشير إلى أن أسلحة الدمـار الـشامـل تمثل تهديداً للسلام والأمن الدولـييـن، باعتبار أن هذه الإشارة قد تـؤدي إلـى اتخـاذ إجـراء بموجب الفصـل السـابـع مـن مـيثـاق الأمـم المتحدة الذي يجعل المطالب ملزمة، الأمر الذي سيفضي أوتوماتيكياً لفرض عقوبات أو حتى إلـى عمـل عسكري ضد إيران، إضافة إلى ذلك إصرارهم على أن يكون البيان حديثاً وألا يكرر جميع مطالـب مجلس محافظي الوكالة الدولية ومنها وقف جميع أنشطة تخـصيـب اليورانيوم والاكتفاء بالإشارة إلـى رقـم قرار الوكالة الصادر قبل شهرين تقريباً، وإذا ما تجاهلت واشنطن مخاوف موسكو في ذلك، فإن الروس يمكن أن يصعّدوا في موقفهم إذا بقي التوازن الاستراتيجي مضراً بمصالحهم في القوقاز والشرق الأوسط، مع عدم وجود حوافز اقتصادية نوعية يقدمها الغرب لهم، الصينيون بدورهم وإن لم يبدوا الهاجس ذاته إلا أنهم أكدوا أن القلق الـروسـي «مشروع».

اجتماع الدول الخمس الدائمة في مجلـس الأمـن الاثنين الماضي فشل أيضاً، البريطانيون طرحوا قبل الاجتماع تخيير طهران بيـن أن يتخذ المجلس إجـراءات ضـدهـا وبيـن مجموعة من الحوافز سبق أن عرضهـا الاتحاد الأوروبي، والروس اقتـرحـوا إجراء محـادثـات مشتركة بيـن إيـران والمدير العام لوكالة الطاقة الذرية والدول الست في إجراء ممـاثـل للمحادثات التي جرت مع كوريا الشمالية، لكن الاقتراحين ضاعا في زحمة التناقضات بين الملتئمين، وهو ما يعني أن البيان غير الملزم الذي من المفترض أن يصدره المجلس لمطالبة إيـران بـالامـتثـال لمـطالـب الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتخلـي عـن كـل الـنشـاطات المرتبطة بـتخـصيـب اليورانيوم سيبقى معلقاً.

التطور اللاحق في الموقف الروسي تجدد بعد تأكيد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأربعاء الماضي أن بلاده تعارض توجيه أي إنذار لإيران فيما يتعلق بملفها النووي، وأن روسيا ترى أن الخروج من إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعرض المشكلة على مجلس الأمن الدولي خطأ، لأن تقييماً مهنياً للنشاطات النووية الإيرانية لا يمكن أن يقوم به سوى مفتشين من الوكالة، وهو تطور جاء متزامناً مع المحادثات التي أجراها الرئيس بوتين في بكين، والتي تركز جانب منها على الأزمة النووية بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة الأميركية والترويكا الأوروبية.

المقترح الروسي إلى أين؟

المقترح الروسي الذي جاء لإنهاء الأزمة ما بين إيران والترويكا الأوروبية وواشنطن قدم ناقصاً من ناحية فنيته وقدرته على تقديم بدائل نوعية، ما جعل رد الفعل الإيراني لأن يأتي فاتراً وغير متحمس، وفي أحسن الأحوال جاء مشروطاً بإجراء تعديلات في متن نص المقترح الذي تضمن الآتي:

1- إقامة مركز نووي فوق الأراضي الروسية يتم فيه تخصيب اليورانيوم بالمقدار الذي حددته المطالب الأوروبية للاستفادة منه كوقود نووي، على أن ينقل إلى إيران لاحقاً.

2- تعرض روسيا على إيران بيع نظام صاروخي متطور أرض - جو بعيد المدى.

3- تعمل روسيا على توسعة التعاون طويل الأمد لتنمية البرنامج النووي الإيراني.

4- اقترحت موسكو على طهران مساعدتها في تطوير منشآت الطاقة الجنوبية الخاصة بالاستخراج والنقل في سياق توسعة احتياطي الغاز الطبيعي الإيراني.

5- اقترحت روسيا على إيران، التفاوض بشأن إعطاء ضمانات أمنية واسعة لإيران، ووعود بضمها كعضو مراقب إلى منظمة شانغهاي للتعاون.

6- اقترحت روسيا أن تطرح مشروعاً على إيران لإنشاء ممر شحن ونقل جديد من شمال إيران إلى جنوبها مع إنشاء طريق بري وخط سكك حديد وخط أنابيب، تمتد من روسيا إلى المحيط الهندي عبر الأراضي الإيرانية، ستشكل طريقاً جديداً أو طويل الأمد للتجارة.

وبالنظر إلى ما وراء هذه المقترحات يتبين أنها ليست بأفضل من المقترحات الأوربية التي قدمت في أغسطس / آب الماضي، وخصوصاً فيما يتعلق بالحوافز والضمانات الأمنية التي جاءت بشكل ضبابي، فبالنظر إلى مركز التخصيب فوق الأراضي الروسية لم يتم الاتفاق على مشاركة الخبراء الإيرانيين فيه بشكل واضح ولا على الكلف التي من المفترض أن تساهم بها الدول الغربية، أما عرض السلاح الروسي وبالتحديد في مجال الصواريخ فهي لا تلبي حاجة إيران الدفاعية أو العسكرية، فالإيرانيون يطمحون في الحصول فقط وبوفرة على قطع الغيار المستخدمة في الطائرات الأميركية أكثر من أي شيء آخر، أما قضية توسيع مجالات التعاون الروسي الإيراني في المجالات النووية فهو عرض غير مغرٍ إذا ما تذكرنا أن بداية التعاون بين البلدين في مجال الطاقة قائم منذ العام 1992 حين وقّع البلدان اتفاقين، الأول خاص بالتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والثاني يتعلق ببناء محطة نووية في إيران لتوليد الطاقة الكهربائية، ثم في العام 1994 عندما وقعت إيران عقداً مع روسيا بقيمة 800 مليون دولار لبناء مفاعل بوشهر النووي (جنوب إيران) بطاقة تبلغ 1000 ميغاوات، ثم نتائج زيارة وزير الطاقة الروسي السابق يفغيني أداموف لطهران بشأن بناء محطات جديدة في أماكن متفرقة من إيران أهمها في منطقة الأهواز (غرب) بقيمة 780 مليون دولار، وقبله الاتفاق التكميلي نهاية العام 2001 بقيمة 1,200 مليار دولار ليكون مجموع المفاعلات التي ستساهم في بنائها موسكو خمس محطات نووية على أن يتم الانتهاء من تشييدها بحلول العام 2012، وبالتالي فإن العرض الروسي لم يأتِ بجديد.

المقترح الروسي أشار أيضاً إلى أن توسعة احتياطي الغاز الإيراني، وهو أمر أشارت إليه بشكل غير مباشر المقترحات الأوروبية سابقاً، أما موضوع خط الأنابيب الذي قدمه الروس فالإيرانيون آخر من يمكن أن تغريهم مثل هذه العروض، فلديهم طريق سكك الحديد وخطوط الأنابيب عبر بافق - مشهد أو جابهار لربط منطقة قزوين بالقارة الهندية واليابان والشرق الأدنى وحتى شمال وشرق أوروبا، وحالياً مشروع أنابيب الغاز المارة عبر باكستان نحو الشرق.

الملف النووي الإيراني لا يبدو أنه يسير نحو الانفراج الكامل، لكنه أيضاً لا يحتمل تصعيداً يجعله يخلط الأوراق في ملفات اخرى متداخلة، كما أن تلك الملفات هي التي ستحدد مسيرة ذلك الملف خلال المرحلة المقبلة.

كاتب بحريني متخصص في الشأن الإيراني

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً