العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ

150 إهانة!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

للباحث المعلوماتي الفرنسي جاك روبن عبارة بالغة الدقة مفادها «إن اقتصاد السوق الرأسمالي لا يتساكن بنجاح مع التحول التكنولوجي في الحقل المعلوماتي. ولم نتمكن بعد من قياس النتائج المترتبة على التغيير في الزمن المعلوماتي لأننا نصر على عدم فهم أبعاده الثورية. فالمعلوماتية وصناعة الانسان الآلي، إضافة إلى الاتصالات الرقمية، تؤدي وخلافا لما يشاع، إلى تهميش عدد متزايد من العاملين، والتسبب في تفاوت اقتصادي واجتماعي وثقافي غير مسبوق في حدته. ينتج من ذلك كله نزاعات اجتماعية بالغة العنف».

من جهة أخرى، هل يمكننا إهمال «أن مداخيل الثلاثمئة شخص الأكثر ثراء في العالم تتجاوز مداخيل المليارين الأكثر فقرا»، هذا ما يركز عليه صديقنا جاك روبن من جهة، وتهمله الحكومة البحرينية من جهة أخرى.

يحس البعض بالملل في الدفاع عن «المحرومين» و«الفقراء»، ويعتقدون أن أي كاتب صحافي يبدأ في الكتابة عن هذه الطبقة هو ببساطة «متسلق» جديد على ظهور الجائعين. ولا أنكر أن سلسلة طويلة من الإعلاميين البحرينيين قد ساعدت بشكل أو بآخر في رواج هذا التصور، والذي أجده مبرراً، إلا أن الدفاع عن هذه الطبقة لا يخضع لهذه الضخامة من الموانع المنطقية!

الاقتصاد الجديد الذي تسير فيه الحكومة البحرينية، والخاضع للمزيد من رغبات التغول المالي من قبل مؤسسات المال ينبئنا بمصيبة من العيار الثقيل، هذا القلق ليس مقتصراً على الحال البحرينية فقط، بل هو «هم» عالمي تتحدث عنه شتى وسائل الإعلام الدولية.

الطابع الجديد للاقتصاد البحريني يميل نحو المزيد من الأرباح، وإلى القليل جداً من فرص العمل. نلاحظ هذه الإنشاءات والمباني والمشروعات المالية في كل أرجاء العاصمة، لكننا لا نطالع أي إعلان عن «وظائف شاغرة» في أي من صحفنا المحلية، على أننا نقرأ بين فترة وأخرى إعلانات الوظائف في بعض الصحف الأجنبية!

إن المزيد من التقنية لا يضر بطبقة البروليتاريا المعدمة فحسب، بل هو ممتد للطبقات الأكاديمية، فالمراكز المالية الحديثة تعتمد على التقليل من الكادر الإنساني في أعمالها، والملاحظ أن البطالة في البحرين تمتد في كل جانب. وحين تستفحل الأوضاع، يسهل علينا أن نصف «الجائعين» الغاضبين بأنهم مجرد فئة «تخريبية» و«مدعومة من الخارج»... لا أقل ولا أكثر.

المزيد من المسكنات السياسية، المزيد من النمو المالي لأرصدة بعض أرباب الأعمال الجشعين، المزيد من الإهمال للبنية التحتية للإنسان البحريني، المزيد من البطالة، المزيد من الوظائف من فئة «150 دينار/ إهانة»... أخيراً، وبعد ذلك المزيد والمزيد، نسأل في أي شبحية مجنونة يعيش المواطن البحريني اليوم وغداً؟

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً