العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ

التمكين السياسي للمجتمع أولاً وأخيراً

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من خلال المعطيات الموجودة في الساحة والتي من خلالها يستطيع المتابع أن يستقرئ الكثير من الأمور، ومن بينها أن محور التمكين السياسي للمرأة بات أمراً ممكناً وغير مستحيل، لا سيما أن هناك دعما واضحا من قبل المؤسسات الدينية والرموز العلمائية. ويتضح ذلك بجلاء من خلال التصريح الصحافي للناطق الإعلامي للمجلس الإسلامي العلمائي الشيخ محمد صنقور، إذ أوضح أن المجلس لا يمانع من مشاركة المرأة في العمل السياسي، وأنه ستكون هناك سيدات مرشحات للنيابي إذا ما قررت الوفاق المشاركة بشرط توافر عنصر الكفاءة، هذا إلى جانب تصريح الأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، أن مشاركة المرأة في الانتخابات النيابية المقبلة محسومة ولكنها تعتمد بدرجة كبيرة على ظروف الدوائر الانتخابية إلى جانب توافر عنصر الكفاءة في المرأة التي ستدعم من قبل الوفاق، إذا ما ارتأت الوفاق المشاركة.

هذا إلى جانب أن جمعية المنبر الإسلامي والتي تعد من الجمعيات التي تمثل التوجهات الإسلامية أيضاً تؤكد دعم المرأة، وبالتالي مسألة وجود سيدات على قائمتها الانتخابية أمر وارد، كما أوضحت الدراسة التي أعدها مركز الدراسات والبحوث بإيعاز من المجلس الأعلى للمرأة والتي أكدت أن هناك 67 في المئة من عينة الدراسة يرون أن لديهم استعدادا لترشيح وانتخاب المرأة لتمثلهم في المجالس المنتخبة، إلى جانب أن وجود المرأة بات ضمن هياكل الجمعيات السياسية والتي عادة من يتم الوصول إليها عبر آلية الانتخاب والمنافسة مع الرجل. فقد شهدت الشهور السابقة معارك انتخابية ضارية في كل من الوفاق والمنبر الديمقراطي فازت من خلالها المرأة بمقاعد وخسر فيها الرجل، إذ تؤكد النتائج في الوفاق أن ثلاث سيدات من أصل خمس فزن في الانتخابات. بل أنهن تقدمن الكثير من المرشحين الرجال، كذلك الحال بالنسبة إلى جمعية المنبر التقدمي، إذ فازت خمس نساء في الانتخابات من أصل خمس وخسر حينها الرجل.

كل تلك الأمور تعد مؤشرات إيجابية تؤكد أن التمكين السياسي للمرأة أمر ممكن وغير مستحيل، وهذا بطبيعة الحال راجع لعدة عوامل ولعدة جهود. ولعل ما نحتاج إليه الآن أو ربما ما كنا نحتاج إليه بالأمس هو التمكين السياسي للمجتمع بلا استثناء.

نعم، أقول إن المجتمع هو بحاجة إلى تمكين سياسي وليست المرأة وحدها، كما أننا لو عملنا على التمكين السياسي للمجتمع لكنا قد سعينا بشكل أو بآخر إلى التمكين السياسي للمرأة بشكل غير مباشر. ما يحصل في الوقت الراهن أن يتم العمل على محور التمكين السياسي للمرأة بشكل مباشر بل بصورة منفصلة، ما يؤثر بشكل أو بآخر على النتائج التي ممكن الحصول عليها وممكن نفشل في حصدها. وأعتقد لو أنه تم تمكين الناس أو المجتمع سياسيا من قبل لكان أسهل من تمكين المرأة سياسيا، أولاً، لأن تمكين المرأة سياسيا سيكون حينها تحصيل حاصل ونتيجة طبيعية بعد أن يتم التمكين السياسي للمجتمع. وما نحتاج إليه فعلاً هو التمكين السياسي للمجتمع ليكون المجتمع على علم ودراية بالمستجدات السياسية وكيفية التعامل معها، لاسيما أننا في الخطوات الأولى من التحول إلى أحزاب، وبالتالي تأصيل الثقافة الحزبية أمر مطلوب، ولا يمكن للتنظيمات السياسية أن ترسخ المفاهيم السياسية إذا لم يكن المجتمع سياسياً أصلاً.

المجلس الأعلى للمرأة تبنى محور التمكين السياسي للمرأة كأحد المحاور الرئيسة للاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، وصرف حينها موازنة ضخمة على الدورات التدريبية وورش العمل التي قدمت للراغبات في الترشح في المجالس المنتخبة، وتم الاستعانة بالكوادر التدريبية من خارج البحرين، وبالتالي يتطلع إلى حصد النتائج من خلال وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار السياسي. وأعتقد أن ذلك ما يرغب فيه المجلس الأعلى للمرأة ولا ندري إلى أي مدى توفر الوثوقية في ذلك؟ هل فعلاً ستصل المرأة من خلال الانتخاب أم أن الملايين التي صرفت على البرنامج ذهبت ولم تعد بنتيجة مثمرة، ماذا لو أنه فعلا حصل ذلك؟ وهل أن المجلس الأعلى للمرأة مطمئن تماما بأن دورات تدريبية وغيرها من نشاطات هنا وهناك كفيلة لإيصال المرأة إلى مواقع صنع القرار السياسي، من دون أن يصاحب ذلك تمكين سياسي للمجتمع الذي إلى الآن لم يقتنع بأداء المرأة، بل يعد دورها في العمل السياسي ثانويا، وأن وجود الرجل في هذا المجال كفيل أن يلغي دورها أو يقلل من أهميته، وهل أن المرأة من هي فعلا بحاجة إلى تمكين سياسي أم أنه ذلك الرجل الذي أيضا بحاجة ماسة إلى التمكين السياسي حتى لا يعاب عليه بأنه يطمح لتبوء منصب سياسي، ولكنه لا يمتلك المهارات اللازمة التي تعينه على ممارسة دوره السياسي بحنكة وحرفية تامة. أم أنه الرجل الشرقي الذي يعاب عليه حتى لو لم يتقن الصنعة ولكن المرأة التي ينبغي عليها أن تنحت وتنحت في الصخر حتى تؤكد للمجتمع بأنها تمتلك الحد الأدنى من المهارات والقدرات التي ربما تعينها على ممارسة دورها في الحياة السياسية، وهي حينها قد تنجح أو ربما يكون الفشل حليفها.

على المجلس الأعلى للمرأة أن يعيد قراءة محاور الاستراتيجية من جديد واضعا بعين الاعتبار فئات المجتمع ودرجات التفكير، لذلك أؤكد من جديد بأنه لا فائدة مرجوة أصلا من التمكين السياسي للمرأة إذا لم يكن هناك تمكين سياسي للمجتمع. بالنتيجة النهائية علينا من الآن تحديد الجهة المسئولة عن توفير التدريبات اللازمة لتحقيق التمكين السياسي للمجتمع من الآن استعدادا للانتخابات المقبلة 2010

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً