نختتم حديثنا بشأن التطورات الاقتصادية في قطر وذلك بالكتابة عن مشروع طموح آخر يتمثل في إقامة مصهر للألمنيوم في منطقة (مسيعيد) الصناعية جنوب الدوحة العاصمة. المعروف أن دولة قطر كانت تسعى ومنذ مدة غير قصيرة لإقامة مصهر ألمنيوم لعدة أسباب منها توفر الغاز في البلاد (تعتبر دولة قطر رائدة في مجال الغاز تماما كما هو الحال مع المملكة العربية السعودية فيما يخص النفط الخام). بيد أنه ارتأى القائمون على الشأن الاقتصادي في قطر التريث حتى اللحظة المناسبة وانتظار نتائج دراسات الجدوى.
وبحسب التفاصيل المعلنة يتوقع أن يبدأ العمل في إنشاء المصهر في منتصف العام 2007 وذلك بعد الانتهاء من التفاصيل الهندسية. ومن المأمول أن يبدأ الإنتاج المرحلي في الربع الأخير من العام 2009 على أن يتم الوصول إلى كامل الطاقة الإنتاجية في منتصف العام 2010.
تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصهر الألمنيوم القطري 585 ألف طن سنويا على أمل أن تتم زيادة القدرة إلى مليون و200 ألف طن في وقت لاحق. وتعتبر الطاقة الإنتاجية للمصهر القطري الأكبر من نوعه لمشروع جديد. بالمقابل بدأت شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) بطاقة إنتاجية محدودة في العام 1971 ومن ثم بلغت 120 ألف طن في العام 1973 مقارنة بنحو 830 ألف طن في الوقت الحاضر.
كلفة المشروع
المشروع مملوك مناصفة بين كل من شركة قطر للبترول الحكومية وشركة «هيدرو ألمنيوم» النرويجية. تبلغ الكلفة نحو ثلاثة مليارات و500 مليون دولار أميركي (أي مليار و 300 مليون دينار بحريني) لكن لم يتم كشف التفاصيل المتعلقة بمصادر التمويل. ومن المتوقع أن يتم تزويد المصهر بطاقة كهربائية قدرها 1350 ميغاوات. يبقى أن قطر تتمتع بوفرة من الغاز لدعم محطة الكهرباء، إذ سيتم تزويد المحطة بـ 190 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي، إذ تعد هذه الكمية محدودة بالنسبة إلى قطر في أحسن الأحوال. (يذكر أن قطر تأمل في إنتاج 25 مليار مكعب من الغاز الطبيعي مع حلول العام 2010 لغرض تنفيذ الكثير من المشروعات في قطاع الغاز). وحسب التقارير الصحافية سيتم استيراد مادة الخام (الألومينا) من البرازيل واستراليا.
شركة قطر للبترول
لكن لا بأس ونحن نتحدث عن التطورات الاقتصادية في قطر الحديث بشيء من التفصيل عن شركة قطر للبترول ذات الذراع الطويلة. فهذه الشركة والتي تمتلك نصف المصهر تلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد القطري. فهي شريك رئيسي في الكثير من المشروعات المتعلقة بالغاز ومنها شركتا «قطر للغاز» و«راس غاز» المنتجتان للغاز الطبيعي المسال. كما تعتبر الشركة المالك الأكبر لمشروع «أوريكس» لتحويل الغاز إلى وقود بالتعاون مع شركة «ساسول من جنوب أفريقيا». أيضاً تدير هذه الشركة العملاقة قطاع النفط حيث تعد مسئولة عن إنتاج نحو 400 ألف برميل يوميا من حقل الدخان المحلي إضافة إلى حقلين آخرين. كما أنها نجحت في استقطاب شركات دولية لتعزيز الإنتاج النفطي والذي يبلغ حاليا نحو 800 ألف برميل يوميا ومن المتوقع أن يصل إلى حد 875 ألف برميل يومياً مع نهاية العام الجاري (مقارنة بنحو 350 ألف برميل قبل نحو 15 سنة). وحديثا فقط أشارت مجلة «ميد» المتخصصة في اقتصادات الشرق الأوسط إلى إنشاء قطر للبترول شركة فرع دولي لها تعمل على اكتشاف الفرص الموجودة في مختلف بقاع الأرض.
ختاماً، ليس من المتوقع أن يشكل المصهر القطري خطراً على ألبا نظرا إلى طبيعة المنافسة الدولية لهذا القطاع فضلا عن أن ألبا قطعت شوطاً طويلاً وباتت من الشركات الرائدة في صناعة الألمنيوم على الصعيد العالمي
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1298 - الأحد 26 مارس 2006م الموافق 25 صفر 1427هـ