يعتبر مشروع «مدينة الطاقة - قطر» الذي أطلق في 21 مارس/ آذار الجاري مميزاً وطموحاً في الوقت نفسه. تتمثل الفكرة في تأسيس منطقة أو مدينة متخصصة جامعة لكل ما له شأن بقطاع الطاقة بما في ذلك صناعتا النفط والغاز. وسيتم تجميع الخدمات الضرورية المساندة بما في ذلك المتطلبات التجارية والتقنية والموارد البشرية كلها في هذه المدينة المتخصصة وجعلها مركزاً متكاملاً للأنشطة المتعلقة بالطاقة.
حقيقة، يمكن القول إن المشروع جاء متأخراً نوعاً ما وذلك بالنظر إلى أن منطقة الشرق الأوسط تمثل البعد الاستراتيجي لمصادر الطاقة. فحسب الإحصاءات المتوافرة تمتلك منطقة الشرق الأوسط نحو 60 في المئة من احتياطي النفط إضافة إلى 40 في المئة من احتياطي الغاز. ومن المرشح أن تتعزز هذه الأرقام نظراً إلى تكرار حالات الإعلان عن اكتشافات جديدة لحقول النفط والغاز.
بورصة متخصصة
ومن جملة الأمور المميزة في مشروع مدينة الطاقة - قطر تأسيس بورصة دولية للمتاجرة في منتجات النفط والغاز. ويتوقع أن يتم تشغيل البورصة في غضون 6 أشهر لا أكثر. يذكر أنه يوجد في قطر حالياً بورصة محلية (سوق الدوحة للأوراق المالية) لكن يتوقع أن تساهم بورصة الطاقة المتخصصة في تعزيز الأنشطة المالية في دولة قطر.
دور البحرين
ويحق لنا نحن أهل البحرين أن نفتخر بمساهمتنا الحيوية في إقامة مدينة الطاقة في دولة قطر الشقيقة. فشركة الخليج للطاقة التي تضم مجموعة من الخبراء في مجال الطاقة، تتخذ من البحرين مقرا لها، كما أن رئيس مجلس إدارة مدينة الطاقة هو المواطن البحريني عصام الجناحي الذي بات واحداً من أهم الشخصيات المالية والمصرفية في المنطقة بأسرها. وتم اختيار بيت التمويل الخليجي، الذي يرأسه جناحي، المستشار المالي الرئيسي لمشروع مدينة الطاقة - قطر.
بل يلاحظ وجود نوع شبه بين مدينة الطاقة - قطر ومشروع آخر يتم تنفيذه عندنا ألا وهو مرفأ البحرين المالي. فبيت التمويل الخليجي يعد أحد أهم رواد مرفأ البحرين المالي، وسيصبح مرفأ البحرين المالي (من المتوقع أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع في غضون 12 شهراً) مركزاً متكاملاً لقطاع الخدمات المالية في مملكتنا. من جهة أخرى، يتوقع أن تصبح مدينة الطاقة - قطر المركز المتخصص لقطاع الطاقة ليس في قطر فحسب بل في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. بيد أن هناك فرقاً جوهرياً بين المشروعين فيما يخص الكلفة. تبلغ قيمة مدينة الطاقة - قطر مليارين و600 مليون دولار (أي نحو 980 مليون دينار بحريني). بالمقابل تبلغ كلفة مرفأ البحرين المالي ملياراً و300 مليون دولار (490 مليون دينار) أي نصف قيمة المشروع القطري.
يبقى أن اختيار دولة قطر لاحتضان المشروع جاء موفقاً نظراً إلى التطورات المتلاحقة والسريعة في قطاع الطاقة في هذا البلد الخليجي. فبخصوص الغاز يتوقع أن تصبح قطر المصدر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول العام 2010، كما حققت قطر قفزة نوعية في إنتاج النفط الخام، إذ ارتفع من 350 ألف برميل في اليوم في بداية التسعينات إلى نحو 800 ألف برميل يوما في الوقت الحاضر (نأمل الكتابة عن تفاصيل الطاقة في قطر في وقت لاحق).
ما يهم في نهاية المطاف هو أن تتم ترجمة تفاصيل المشروع إلى واقع. فحتى الآن كل شيء على ورق. لكن يبدو أن هناك تصميما من قبل الجهات القطرية فضلا عن الشركاء الاستراتيجيين للمشروع (بيت أبوظبي للاستثمار والشركة الكويتية للاستثمار) للمضي قدما في تنفيذ مدينة الطاقة - قطر.
نختتم حديثنا يوم غد (الاثنين) عن مشروع طموح آخر أعلن عنه قبل أيام وهو إنشاء مصهر للألمنيوم في قطر
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1297 - السبت 25 مارس 2006م الموافق 24 صفر 1427هـ