بدأ الفلسطينيون المقيمون في العراق الوصول إلى هذا البلد منذ العام 1948 عندما نقل الجيش العراقي حوالي ثلاثة آلاف منهم من قرى فلسطينية (جبع وأجزم وعين غزال). وتفيد إحصاءات وكالة الأمم المتحدة أن عدد هؤلاء بلغ في العام 2003 (عام احتلال العراق) 22100 فلسطيني يقيم غالبيتهم في بغداد. ظل هؤلاء اللاجئين مكرمين طوال السنوات الماضية حتى جاء الغزو البغيض إلى أرض الرافدين، ليذوقوا الأمرين، (احتلالان وبطشان)، الاحتلال الإسرائيلي لوطنهم الأصلي والاحتلال الانجلو أميركي لوطنهم الثاني، والبطش بأهلهم في داخل فلسطين وتعرضهم المباشر للتنكيل من قبل العراقيين أنفسهم هذه المرة.

لقد وصلت إلى المجلس التشريعي الفلسطيني أخيراً رسالة من فلسطينيي العراق يقولون فيها «تعرضنا ومازلنا نتعرض لمجازر واعتداءات يومية حتى أن كل من يتم اعتقاله نبحث عنه في مشرحة الطب العدلي فقط لغرض استلام الجثة أو نجده مدفونا ولا علم لأهله بمكان دفنه». وقال المجلس التشريعي الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في العراق على أيدي عراقيين بلغ 60 شخصا.

ليس هذا فحسب فحتى الفارون من العراق لم يجدوا المساعدة من الدول التي توجهوا لها وظلوا هائمين على وجوههم في الصحراء. فعلى سبيل المثال رفض الأردن دخول نحو89 فلسطينياً غادروا العراق أمس الاول، وبقي هؤلاء عالقين على الحدود في أوضاع صعبة للغاية وبحاجة إلى مواد إغاثة، إلى أن جاءتهم القوات الأميركية وأرجعتهم إلى حيث أتوا وهم مرغمون.

يحدث كل هذا لأبناء شعب تشرد منذ أكثر من نصف قرن بسبب الاحتلال الصهيوني لديارهم. ولكن أن يجد هؤلاء مزيداً من الظلم من بني جلدتهم وملتهم فهذا غير مفهموم.

ولذلك يقع على الحكومة العراقية وسلطة الاحتلال ومنظمة الأمم المتحدة عبء حماية هؤلاء اللاجئين بموجب اتفاق جنيف الرابع لحماية المدنيين في زمن الحرب والذين يخضعون للاحتلال. ويتحتم على الحكومة الأردنية السعي لايجاد حل للفلسطينيين العالقين في الحدود خصوصاً ان لهؤلاء صلات قربى بالشعب الأردني، وقد جازفوا بمواجهة المسلحين وقطاع الطرق على طول الطريق السريع المحفوف بالمخاطر فكيف يتركوا لكي يجبروا على العودة إلى بغداد حيث تقع التفجيرات وإطلاق النيران يومياً؟