الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي هدد قبل أشهر باستخدام السلاح النووي للدفاع عن مصالح بلاده، لم يتمكن من تحمل سماع أغنية لعازف الغيتار الفرنسي ديدييه وامباس! الأغنية اعتبرها مسيئة لجنابه، من هنا تعرضت إلى حظر شبه كامل في أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة هناك.
وجاء في تقرير لـ «الجزيرة نت»، ان الحظر على أغنية «شيراك في السجن»، امتد إلى الفقرة الإعلانية، إذ بارك مكتب تدقيق الإعلان هذه الخطوة، فقال رئيسه جوزيف بوزنينو «ما حدث من جانبنا ليس نوعا من الرقابة الذاتية إنما تطبيق للنظام... للتحقق من الالتزام بالقانون الذي يحظر انخراط الإعلان في السياسة»!
المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري وقف إلى جانب جاك شيراك، في الوقت الذي وقف ضده القاضي الفرنسي إريك آلفن، الذي له تجربة سابقة في ملاحقة شيراك في التحقيق في قضية الوظائف الوهمية في عمدة باريس! وأعرب آلفن عن استيائه من الحظر بقوله: «تستمر الرقابة الذاتية في سيادة الساحة، وعلى الذين يطالبون بحرية التعبير في قضية الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية مثلاً، أن يلقوا بها عرض الحائط».
دهاقنة الرقابة الفرنسيون وقفوا مع قرار منع «أغنية» رأوا فيها «إساءة» إلى شيراك، ولكنهم نسوا كل النظريات التي ما فتئوا يصدرونها إلى العالم أجمع منذ قرنين عن «حرية التعبير»، أما الرسوم الدنماركية التي أساءت إلى مشاعر مليار ونصف مليار مسلم، بتصوير الرسول (ص)، بصورة كاريكاتورية سطحية، تخلو من الذوق والفكر والإحترام للآخر... فهي قمة الحرية في التعبير عن الرأي!
عازف الغيتار وامباس قال إنه يريد فقط أن يرى إلى أي مدى يمكن استخدام حرية التعبير، وأكد أن كلمات الأغنية لا تحوي أية إساءة لشيراك باستثناء ورود اسمه في العنوان!
الأطرف من ذلك هو أن الأغنية التي لم يتحملها فخامته، ليست طويلة مثل الأغاني العربية القديمة، ولا الحديثة أيضاً، وإنما ترد في سياق إعلان يستغرق دقيقة واحدة فقط!
وفي الوقت الذي امتنعت عشرات المحطات الإذاعية عن بث الأغنية، وافقت محطتان على بثها، لأن وسائل الإعلام هناك حرة وليست طبولاً تعزف دائماً للحكومة وتسبح بحمد شيراك.
فريق الأغنية من جانبه لم يستسلم، فمثل هذه الحروب تحتاج أحياناً إلى مناورات وذكاء، فأعد صيغة مخففة لا تتضمن ذكر اسم شيراك فحظيت بموافقة محطة إذاعية أخرى. وطرح الفريق صيغة ثالثة مدتها 15 ثانية فقط، تتضمن تكرارا فقط للموسيقى الخاصة بعبارة «شيراك في السجن»، فحظيت بموافقة محطتين أخريين.
المحطات التي رفضت بث الأغنية «المسكينة»، استندت إلى أن المجلس الأعلى (للإعلام) يحظر على الأعمال الغنائية «الاشتغال بالسياسة». وقال المدير العام لمكتب تدقيق الإعلان إن أي إعلان معرض للحظر إذا تطرق لأي سياسي حي أو مات قبل 50 عاما»! فالقداسة التي لا يمنحها الشرق إلا للأنبياء والعظماء عن جدارة واستحقاق، يمنحها الغرب للسياسيين «الجمبازيين» بسخاء
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ