العدد 1294 - الأربعاء 22 مارس 2006م الموافق 21 صفر 1427هـ

«تطييف» الداخلية... إلى أين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أن يخرج طفلي الصغير إلى الروضة صباح أمس، سألته: ماذا تريد أن تكون عندما تكبر... حلاق أو مهندس أو دكتور فقال من دون تردد: «باتمان»! سألته ثانية: وصديقك في الروضة؟ قال: «سبايدرمان»!

طفل صغير لم يتجاوز الخامسة، قدم إجابة مضحكة على سؤال بسيط، أما البعض فيحاول أن يجيب على أكبر مشكلات البلد بتوزيع الورود!

ففي بلد «شبابي» أكثر من نصف أبنائه دون سن العشرين، وفيه 30 ألف عاطل عن العمل، وعلى رغم كل هذه المشروعات العمرانية الكبرى التي تخدع الزائرين، يتراجع الوضع الاقتصادي إلى الوراء، حتى أصبحنا أكبر بلد من حيث عدد الصناديق الخيرية في الخليج بالنسبة إلى تعداد السكان.

البلد لا تزيد مساحته عن 700 كم، ولا يتجاوز سكانه 700 ألف نسمة، وهو حتماً يسعنا ويسع أهلنا والوافدين جميعاً، لو توافرت حسن النية والمعاملة بالعدل والمساواة، والترفع عن سياسة التمييز والمحاباة.

السياسيون يدركون أن ما يحدث من احتقانات في الشارع إنما هي أعراض جانبية للواقع السياسي الاقتصادي المحتقن، أما كتاب «الزيران» فيظنون أن معالجة كل مشكلات البلد انما تكون بتوزيع الورود بهذه الطريقة الاستعراضية المفتعلة على رجال الشرطة والمطافئ! والمؤسف ان لعبة الاستغفال انطلت على البعض، فمنهم من حمل بشته، ومنهم من حمل وردته، ومنهم من حمل نخلته ركضاً للتهنئة والتبريكات. فرقة مجوقلة لا تفهم في السياسة، ولا تفقه سنن الله في خلقه، تعيش كالطفيليات على تناقضات المجتمع وهامش حراكه السياسي. يتركز كل خطابها على تحريض الحكم على قمع فئات الشعب، والعودة إلى سياسة التنكيل القديمة. هذه الفئة الطفيلية العمياء لا تبصر أية جذور اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية للساحة، من تمثيل سياسي غير حقيقي، وتمييز طائفي، وقضايا فقر وبطالة... إلخ، ولا تمتلك من الشجاعة لتكتب بصدق وشفافية، فيكون أسهل الطرق الهروب إلى الأمام بالورود وفسائل النخل!

العتب على وزارة الداخلية التي قبلت الانجرار بهذه الطريقة المهينة إلى فخ الطائفية، وكان الحري أن تغلق أبوابها عن استقبالهم، فوزارة من الوزارات «السيادية»، يعمل فيها 11 ألف شخص، ما كان ينبغي لها أن تقبل بالاصطفاف الطائفي، مع فئة ضد أخرى، كما يريد لها أصحاب «بدعة» الورود! (بالمناسبة كل بدعة ضلالة) لو كان هذا الانصياع في عهد «أمن الدولة» لما كان مقبولاً منها، فكيف به مع دخول العام الخامس من عمر الإصلاح.

ثم ان الوزارة في عهدها الجديد طرحت مفهوم «الشراكة المجتمعية»، بعد أن دشنت «شرطة المجتمع»، في خطوة متقدمة في التعاطي مع أمن المجتمع، على طريق إصلاح ذات البين، بينما ينحصر مفهوم الـ «باتمان» و«سبايدرمان» عن الأمن في استخدام الهراوات والغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين أو المعتصمين.

الأمن لا يتجزأ، ومن المخاتلة حصره في فض الإعتصامات وتفريق المتظاهرين بالهراوات، فكثيرون اليوم لا يبلغون عن السرقات التي يتعرضون لها، ليقينهم أنها لن تجلب لهم غير مزيد من البهدلة والسخرية. فإلى أين سيقودنا «تسييس» الأمن، وتطييف «الداخلية»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1294 - الأربعاء 22 مارس 2006م الموافق 21 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً