يوم أمس الأول تجمع عدد من الشباب عند مدخل قرية بني جمرة من أجل الاعتصام والتعبير عن رأيهم، وهو حق مشروع شريطة أن يكون المنظمون قد التزموا بالقانون من ناحية إخطار مركز الشرطة بهدف الترخيص، وعدم الانجرار نحو الاصطدام، وعدم تعطيل المصالح الحيوية.
وبناء على الحديث مع عدد من الشباب المعتصمين، أجرت «الوسط» مقابلة مع ثلاثة من المشاركين في الاعتصامات، وسيتم نشر المقابلة غداً بهدف فتح قنوات الحوار وايصال الآراء المختلفة لمن يهمه الأمر.
الحديث مع الشباب مهم جداً في هذه المرحلة الحساسة التي نمر بها... فهؤلاء شباب تحركوا لأنهم حللوا الواقع ومجريات الأمور بحسب منظور محدد. وبما أنه من حق أي فرد وأية جماعة أن تطرح رأيها وتعبر عنه بالوسائل السلمية فإنه من الواجب الانفتاح عليهم بهدف توجيه حركة المجتمع نحو العمل السلمي وإبعاد المؤثرات التي تدفع باتجاه الاصطدام مع قوات الأمن وعدم تعطيل مصالح المجتمع الحيوية، مثل الأسواق العامة، والشوارع الرئيسية.
الحديث مع الشباب يوضح مدى الفجوة التي توسعت بسبب التشويش الذي يملأ الساحة العامة، بحيث أصبحت الاشاعة حقيقة، والمصطلحات متداخلة، والمطالب متعددة، والأهداف والوسائل تتضارب فيما بينها.
الهدف متحرك، فهناك مطلب الحصول على وظيفة، ومطلب الحصول على سكن، ومطلب معالجة ضحايا التعذيب، ومطلب نظافة البيئة بالنسبة إلى مناطق مثل المعامير، ومطلب الافراج عن معتقلي المطار والديه والدانة، ومطلب كتابة دستور جديد، ومطلب منع التمييز، ومطلب معالجة ملف التجنيس، ومطلب عدم اعتقال الرموز الدينية، ومطلب إصلاح الخدمات العامة... إلخ.
ربما تكون كل هذه المطالب مشروعة... ولكن ما هي الأولوية؟ ومن يحددها؟ وكيف يتم التحرك؟ وما هو الغطاء القانوني؟ وما هو الغطاء الديني؟ وما هو المجال والميدان الذي يتم التحرك من خلاله؟ ومن يقيس الأرباح والخسائر من الخطوات التي يتم اتباعها؟ ومن يضمن عدم انفلات الوضع الأمني؟ وهل استنفدت كل الخيارات المتاحة لكي يتم التركيز على نوعية محددة من النشاطات التي تؤدي إلى توتير الاجواء؟ وهل أن القائمين على التحركات تهمهم عواقب ما يقومون به، أم أنهم يتحركون على أساس عقائدي ولا تهمهم النتائج أو التداعيات؟
أسئلة كثيرة يمكن الحديث عنها مع الشباب وهم كانوا مستعدين للاجابة على معظم ما يطرح عليهم بخطاب مملوء بالحماس ومؤسس على آراء تحولت إلى ثوابت مع تكرارها... ولكن، وفي الوقت الذي ندين فيه أعمال العنف والتخريب، لا سبيل أمامنا إلا الاستماع والحوار، لأن الوطن يحتاج إلى طاقات هؤلاء الشباب في الاتجاه الذي يصب في صالحهم وصالح مجتمعهم.
انه لمن الموسف حقاً ان يقوم بعض الشبان بحرق مداخل قراهم وتعطيل مصالح مجتمعهم وهم يتصورون بان ذلك يخدم قضيتهم... ان ما يحدث يعبر عن مأساة في التفكير وانزلاق نحو المجهول، ربما يجهله بعض من يقوم به، وربما لايجهله من يحرضهم عليه.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1294 - الأربعاء 22 مارس 2006م الموافق 21 صفر 1427هـ