ومع احترامنا لكل هذه الجهود، بل اننا نطالب بتكثيفها نظراً إلى اعتقادنا بأن ما يجري حاليا هو أكبر من عملية تصحيح قد تقف وراءه نوايا غير سليمة بصورة مقصودة أو غير مقصودة وبالتالي لابد من التصدي لها خصوصاً أنها من الواضح قد تؤدي إلى كارثة لها عواقبها الاجتماعية الخطيرة، إلا أن الجانب من الانخفاض الخاص بدورة التصحيح الطبيعية لابد أن يأخذ مداه الكامل قبل أن تعاود الأسعار ارتفاعها مرة أخرى مدفوعة بعوامل العرض والطلب والأساسيات الخاصة بالشركات المدرجة والأوضاع الاقتصادية والمالية المحيطة. وبالتالي، فإن الإجراءات المزمع اتخاذها يجب أن تركز على وقف جانب التدهور غير الطبيعي الذي قد يدفع به البعض من أجل الاغتناء من خسائر صغار المستثمرين، كذلك على تطمين المستثمرين بالأساسيات السليمة للشركات المدرجة والأسواق، وكذلك على إعادة الثقة إليهم، مع ممارسة درجة أكبر من التوعية والتثقيف بالدورات الطبيعية للأسواق.
وانطلاقاً من اعتقادنا بأن دورة التصحيح - نقول التصحيح وليس الانهيار - يجب أن تأخذ دورتها الكاملة، فإننا نرى جدوى الحديث عن إصلاح أساسيات وهيكليات الأسواق على المدى البعيد لضمان عدم تكرار ما حدث هذه الأيام بالتزامن مع الحديث عن الحلول القصيرة الأجل التي تعتزم الأجهزة الحكومية اتخاذها.
ونحن نرى هنا أن الحاجة لاتزال قائمة لتطوير أساسيات أسواق المال الخليجية، إذ إنه وعلى رغم التحسن الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة اذ ان دورها في تمويل عمليات التنمية لايزال محدودا ولايزال الجزء الأكبر من احتياجات التمويل يستقطب عبر المؤسسات المالية والمصرفية المحلية والأجنبية، وعلى رغم ما ذكرنا من اكتتابات متتالية أخذت شكل الأسهم. ولعل جانباً من هذه المقترحات قمنا بمناقشتها في أكثر من مناسبة ومقال.
توجد الكثير من العوامل التي تؤدي إلى محدودية أسواق الأوراق المالية، وبالتالي سرعة تعرضها للهزات المالية كما هو حاصل اليوم. ومن أبرز هذه العوامل هي ضيق هذه الأسواق المتمثل قي قلة الادوات الاستثمارية، وقلة الشركات المدرجة وقلة الاوراق المتاحة للتداول. كما تعاني هذه الأسواق من بروز طابع المضاربة والافتقار للمعلومات ودقة الافصاح. وكذلك قصور الأطر التنظيمية اذ ان البنية الهيكلية معظمها مغلق وعائلية، ما يحد من نمو وتطور هذه الأسواق.
لذلك لابد من تضمين برامج تطوير أسواق المال الخليجية توفير مزيد من المعلومات التحليلية والبيانية بشأن الأداء الاقتصادي وبشأن الشركات والأسواق المحلية لتزويد المستثمرين بقاعدة بيانات موثوقة. كذلك توفير الإطار التشريعي والتنظيمي ما يحقق ازالة العوائق التي تحد من التدفقات الاستثمارية سواء الخليجية أو الأجنبية إلى هذه الأسواق، ما يضفي على هذه الأسواق مزيداً من العمق، وخصوصاً أن عدد الأسهم المتداولة بدول المنطقة لا يتجاوز نسبة ضئيلة من اجمالي عدد الأسهم المدرجة ببورصاتها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1293 - الثلثاء 21 مارس 2006م الموافق 20 صفر 1427هـ