خصص يوم أمس الذي يصادف أول أيام الربيع، لذكرى الأم، وبما أن الأيام »الخاصة« تطرح بشتى أشكالها وأنواعها، وتلفق لسبب أو لآخر، يبقى الموضوع في نهاية الأمر الشيء نفسه. وهو، إهداء الناس سبباً آخر للتبضع. إنني لا أضمر شيئاً مثل بعض الساخرين. حتماً نحن نعيش في عالم تحركه الأموال، وتكثر فيه المادة، فلن تقرأ هذه الصفحة إذا لم يكن الوضع كذلك. وللأم دور كبير من دون شك في رعاية الشخص الذي يكبر و يصبح جزءاً من العمالة و الاقتصاد و الحركة المالية.
قد يكون وراء كل رجل أعمال، مصرفي، مهندس وطبيب زوجة تسنده وتشجعه، ولكن قبلها لديه والدته. فبما أن الأم هي أول إنسان يثق به الشخص ويتقبل منه النصائح، هي من تقع عليها مسئولية زرع احترام الذات، المال، والعمل في أبنائها. وفي البحرين لا تنقصنا الأمثلة من الأمهات اللواتي تحملن وصبرن وعانين في سبيل تربية أطفالهن. وهن من جميع الفئات، من ربات البيوت اللواتي كرسن حياتهن لتنظيم المنزل إلى أولئك السيدات اللواتي عملنا صباحاً ومساء لمساندة أزواجهن. كل واحدة منهن عملت وتعبت من أجل أن توفر حياة أفضل بكثير ما لاقتها هي الأم في طفولتها، نكبر ونتعلم و نتطور، والأم تبقى معنا، كمصرف لا يغلق لسماع أوجاعنا وآمالنا. وها نحن اليوم لدينا كبار رواد الأعمال عاملين، خادمين أنفسهم و مجتمعهم، يعملون بالشركات والمشروعات الكبرى. حكاية نجاح هؤلاء لا تبدأ بالضرورة من أول ترقية أو حصول الشهادة الجامعية، بل تبدأ بأول كلمة تنطق. تبدأ بتلك الإنسانة التي هي تعد قادة المستقبل، التي تزرع في قلوبهم حب المبادرة والعمل والدراسة. فتحية إلى كل أم قدرت مدى مسئوليتها وكافحت لأجيال المستقبل، وتحية لكل أب أدرك أهمية زوجته وبادر بمساندتها، ولكل ابن بر بوالديه وعمل من أجل حياة أفضل له ولوطنه.
وراء كل هذا ليس النقود، بل الحب والحنان اللذان هم في نهاية الأمر أهم ما توفره الأم. وعلى النمط نفسه فوراء المجتمع والاقتصاد الحب لأننا لا يمكننا أن ننجز أي شيء رائع من دون أن يكون لدينا ذلك الشعور غير المادي، ذلك الشعور الذي يحطم القيود ويقوي الأفئدة، ذلك الشعور الذي يصنع المستقبل. كان يوم الأم بالأمس، لكن لا ننسى الأم، لأن لا وجود ليوم غد من دونها. المال قد يحرك العالم، لكن القلوب هي التي تجعل تلك الحركة جديرة بالاستحقاق
العدد 1293 - الثلثاء 21 مارس 2006م الموافق 20 صفر 1427هـ