العدد 2458 - الجمعة 29 مايو 2009م الموافق 04 جمادى الآخرة 1430هـ

الجودر: الأمن والاستقرار هما ما تنشدهما المجتمعات المتحضرة

في خطبة الجمعة عن الحضارة الإنسانية والتقدم

الوسط - محرر الشئون المحلية 

29 مايو 2009

تحدث خطيب الجمعة بجامع قلالي الشيخ صلاح الجودر عن الحضارة الإنسانية، والتقدم البشري، رابطا ذلك التقدم والحضارة باستتباب الأمن في تلك الدول، وأن الأمن والاستقرار هما الهدفان اللذان تنشدهما المجتمعات المحتضرة، وجاء في الخطبة:

لا تقاس الحضارة الإنسانية، والتقدم البشري في ماديات تَفنى، أو مظاهر تَبلى، ولكنها تقاس بمستوى الأمن والاستقرار لديها، فالأمجاد والحضارات والتاريخ يسجل بمستوى الأمن الذي بلغته تلك الدول والمجتمعات».

وأضاف الجودر «الأمن والاستقرار هما الهدفان اللذان تنشدهما المجتمعات المتحضرة، وتتسابق من أجلهما الحكومات المتمدنة، تقام من أجلهما المؤتمرات الدولية، والقمم القارية، واللقاءات الأخوية والإقليمية، فضلا عن أن الإصلاح والتنمية والبناء لا تنمو وتزدهر إلا على أسس الأمن، وأركان الأمان. إذا زعزع الأمن، واختلت أركانه، فلا تسألوا بعد ذلك عن الفتن المستطيرة، والإفساد المتعاظم، يضعف الإيمان، وتضطرب النفوس، وتروع القلوب، وتنهب الأموال، وتخرب الديار، وزعزعة الأمن يبدأ بكلمة شيطانية، فأي خطاب تحريضي هو عنف وزعزعة للأمن، وأي محاضرة تحشيدية هي عنف وزعزعة للأمن، وأي تطاول على الرموز الدينية والسياسية والوطنية هو عنف وزعزعة للأمن، وأي إقرار أو سكوت عن عنف هو عنف آخر وزعزعة للأمن، فالعنف هو جريمة كبرى في حق الشعوب والأمم، والله عز وجل يقول: «ولا تُفسِدُوا في الأرضِ بعدَ إِصلاحِهَا» (الأعراف:56). ويؤكد ذلك ما نشاهده هذه الأيام من فتنة العنف والتكفير والإرهاب، وسفك الدماء وقتل الأبرياء، حلقات من الإفساد المنظم، واستمرار مسلسل الخراب الممنهج، حتى أن الغيور منكم ليرى بعينه تلك الفتنة التي أطلت برأسها ورفعت عقيرتها في أمتكم!، فتنة هاجت وماجت، ثم باضت وفرخت، حتى خرج من بين جوانبها أفراخ حدثاء السن هم أقرب إلى رويبضة العصر الذين حذر منهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».

ويطرق الجودر في خطبته قائلا: «وتأملوا معي فيما يجري هذه الأيام في أفغانستان وباكستان والصومال وسريلانكا، دول يمارس فيها سفك الدماء، وقتل الأبرياء، ونثر للأشلاء، على مسمع ومرأى من العالم، بالله عليكم أي دين يقر قتل الأبرياء؟!، وأي مبدأ إنساني يؤكد ترويع الآمنين؟!. يتألم الفرد منا في يومه ألف مرة، حينما يرى ويسمع عن العنف والقتل والدمار في تلك الدول الفقيرة، ولا يرتاب العقلاء في أن ما يحدث في تلك الدول يعد جريمة وفعلة نكراء، لا يقرها عقل ولا دين ولا منطق، فهي من الأعمال الإرهابية، فهذه الدول الأربع - كنموذج - من الدول الفقيرة، فكيف تجيز تلك الجماعات والدول لأنفسها أن تستبح دماءهم الطاهرة، وتستخدمهم دروعا بشرية لتصفيات سياسية خاسرة، كم من الأنفس البريئة قد أزهقت دون ذنب أو جريرة؟، وكم من النفوس الطاهرة قد روعت؟، وكم من الممتلكات والأموال قد أتلفت؟، لم يرحموا امرأة ولا شيخا، ولا طفلا ولا عابدا، أين هم من قوله (ص): (لزوال الدنيا أهونُ عند الله مِن قتل رجل مسلم) أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما؟».

وتحدث الجودر عن حل هذه المشكلات قائلا: «إن الحل لتلك المشكلات هو في إعطاء الحقوق، وحفظ الكرامة الإنسانية، ونشر العدل، وسلوك مسالك التسامح والتعايش بين الناس. أيها الإخوة الكرام، ما كان للعنف أن يظهر في تلك الدول وينتشر إلا حينما ورثوه لأبنائهم وشبابهم وناشئتهم، ما كان له أن يظهر بهذه الصورة وأن يستمر لأكثر من عشرين سنة إلا حينما ورثوا الأحقاد، وصور التاريخ المأزوم إلى أبنائهم في المساجد والمدارس والأعمال. من هنا فاحذروا عباد الله من صور العنف والكراهية التي نراها في المجتمع، وإليكم بعض الصور: طالب مدرسي يتعدى على معلمه بالضرب والقول الجارح، ولاعب رياضي يتعدى على مدربه وحكم المباراة باللكم والقول البذيء، وصبي صغير يتعادى على المارة برميهم بالحجارة والزجاج، وولد يتعادى على أبيه بالضرب والتجريح والتسفيه، وشباب في دور العبادة يتلقون فنون الكراهية والبغضاء للمختلفين معهم في العقيدة والطائفة والإنسانية. إنها صور من واقعنا المأزوم، فاحذروا مما يحدث هذه الأيام في العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان والصومال وسريلانكا، إنها صور مختلفة لأمر واحد، هو العنف والكراهية. فإلى متى تظل أوطاننا مكانا للمغامرات السياسية، وساحة للعنف والتخريب.

العدد 2458 - الجمعة 29 مايو 2009م الموافق 04 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً