العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ

22 مارس... اليوم العالمي للمياه

وليد خليل زباري Waleed.Zubari [at] alwasatnews.com

وليد خليل زباري

في 22 مارس/آذار من كل عام يحتفل العالم بأجمعه باليوم العالمي للمياه. ويرجع تاريخ الاحتفال بهذا اليوم إلى تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1992 قراراً بتحديد 22 مارس من كل عام لإقامة هذا الاحتفال بناء على توصيات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المنعقد في العام 1992 في ريو دي جانيرو، في الفصل الثامن عشر لأجندة القرن الحادي والعشرين والمتعلق بموارد المياه العذبة. وتمت دعوة دول العالم للاحتفال بهذا اليوم وإقامة الأنشطة والفعاليات لرفع الوعي المائي من خلال نشر المعلومات وعقد المؤتمرات والندوات والمعارض في مواضيع المياه المختلفة، وتطوير الموارد المائية والمحافظة عليها وتطبيق توصيات أجندة القرن الحادي والعشرين.

وبسبب أهمية المياه في دول مجلس التعاون الواقعة في منطقة شحيحة المياه، فقد تم تحديد أسبوع كامل للاحتفال بالمياه بالتزامن مع اليوم العالمي للمياه، ويتم عقده بالتدوير في دول المجلس. وفي كل عام تختار الأمم المتحدة شعاراً عاماً ليعكس الأبعاد المتعددة والقضايا الملحة للمياه، ولإلقاء الضوء على قضية معينة من قضايا المياه كإحدى الوسائل لرفع الوعي العام بهذه القضية بشكل شامل في مختلف أنحاء العالم ففي أول احتفال عالمي بالمياه العام 1994 تم اختيار شعار «الاهتمام بمصادر مياهنا واجب كل فرد بالمجتمع»، تأكيداً على مسئولية الجميع في المحافظة على المياه، وكان شعار العام 1995 «النساء والماء» لبيان دور المرأة المحوري في المحافظة على المياه وإدارتها. وفي العام 1996 تم اختيار شعار «الماء للمدن العطشى» لإلقاء الضوء على مشكلة شح المياه وتدني نوعيتها في المدن، وخصوصاً تلك الواقعة في الدول النامية والتي تنمو بمعدلات متسارعة بفعل تزايد هجرة سكان الريف إلى المدن، وما ينتج عن ذلك من مشكلات في قطاع المياه كالتزويد بالمياه الصالحة للشرب وقضايا الصرف الصحي والتلوث وغيرها.

وفي العام 1997 تم اختيار شعار «ماء العالم: هل هو كاف؟» في إشارة إلى نقص المياه في الكثير من مناطق العالم حالياً ومستقبلاً بسبب الزيادة السكانية المتنامية وتغير أنماط الاستهلاك. وفي العام 1998 اختير شعار «المياه الجوفية - المصدر المخفي» لرفع الوعي العام بدور المياه الجوفية في تزويد معظم الاحتياجات المائية في الكثير من دول العالم وخصوصاً تلك الواقعة في المناطق الجافة ولتسليط الضوء على أهمية المحافظة على هذا المصدر المهم من النضوب والتلوث. وفي العام 1999 تم التركيز على تأثير استنزاف المياه وتلوثها على الجميع باستخدام شعار «كلنا نعيش أسفل التيار». أما شعار العام 2000 فقد كان «الماء للقرن الحادي والعشرين»، وفي العام 2001 اختير شعار «الماء للصحة»، وللعام 2002 «الماء للتنمية»، وللعام 2003 «الماء للمستقبل». كما تم في العام 2003 اعتبار توفير المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي لحماية الصحة العامة حقاً من حقوق الإنسان الأساسية. وفي العام 2004 تم اختيار شعار «الماء والكوارث»، في إشارة إلى الفيضانات والإعصارات المدمرة التي تعرضت لها دول العالم خلال تلك الفترة، وخصوصاً الدول الأوروبية.

وفي اجتماعها الثامن والخمسين في ديسمبر/ كانون الأول 2003 وافقت الجمعية العمومية على تسمية عقد 2005 إلى 2015 بـ «عقد الماء للحياة»، يتم فيه زيادة التركيز على المواضيع المتعلقة بالمياه مع التأكيد على مشاركة المرأة في جهود التنمية المتعلقة بالمياه، وزيادة التعاون على جميع المستويات لتحقيق أهداف الألفية المتعلقة بالمياه التي تم الاتفاق عليها في قمة التنمية المستدامة بجوهانسبرغ (سبتمبر/ أيلول 2002). يذكر أن جهود المنظمات الدولية والدول في مجالات المياه قد نتجت عن تزويد المياه لأكثر من مليار شخص، وتوفير خدمات الصرف الصحي لأكثر من 770 مليون شخص بالعالم، وعلى رغم ذلك مازال نحو 1,1 مليار شخص من سكان العالم لا تتوافر لديهم مياه شرب آمنة، كما أن حوالي 2,4 مليار شخص لا تتوافر لديهم خدمات صرف صحي ملائمة. ولذلك، فقد تم في العام 2005 اختيار شعار «الماء للحياة» للتشديد على أهمية المياه كأحد العناصر الرئيسية في التنمية المستدامة، ودورها الكبير في الحفاظ على البيئة وتخفيف الفقر والجوع، وأنه لا غنى لصحة الإنسان ورفاهيته عنها.

وبسبب الدور الرئيسي للمياه في حياة المجتمعات في مختلف مناطق العالم وبعدها الثقافي المؤثر فيها، تم اختيار «الماء والثقافة» شعاراً لهذا العام 2006. ويأتي اختيار هذا الشعار لبيان أهمية ودور المياه في حياة الإنسان وثقافته العامة وتداخلها في معظم أنشطته، فمعظم الحضارات والمدن بنيت على مصادر المياه، وازدهرت الفنون والآداب والعلوم فيها بتأثيرات المياه، وتعتبر المياه العذبة في جميع الحضارات والديانات رمزاً للنظافة والطهارة والقدسية، إذ تقام الكثير من الطقوس الدينية باستخدام المياه أو بالقرب من مصادرها. بالإضافة إلى ذلك فإن المنتجات التي يتم بيعها أو شراؤها هي جزء من المياه بشكل أو بآخر، ومعظم أنشطة الإنسان الترفيهية توجد حول المياه، وحياتنا اليومية مبنية أساساً على المياه وتتشكل بناء عليها، ومن دون المياه تصبح حياتنا مستحيلة. وكما هو معروف فإن حضارات البحرين المتعاقبة منذ العصور القديمة وحتى القرن العشرين (دلمون، وأوال، وتايلوس... والبحرين) تدين بقيامها وتطورها إلى توافر مياه العيون الطبيعية التي حباها الله بها، والتي جعلت منها منطقة جذب وقدسية لأعداد كبيرة من السكان وأعطتها موقعها الاستراتيجي المعروف على مر العصور. ولذلك فإن المياه تحتل موقعاً خاصاً في هوية البحرين وثقافتها، ويكفي أن اسم البحرين مشتق من المياه.

ولقد أدى هذا الدور المركزي والحيوي للمياه في حياة الإنسان مع الوقت إلى نشوء نظرة وثقافة مجتمعية مثمنة ومقدرة لنعمة الماء، ولاسيما في المناطق الجافة شحيحة المياه، التي سنت القوانين والأعراف المحافظة على المياه من التلوث والنضوب لضمان استدامتها في خدمة هذه المجتمعات، إلا أنه مع التطور الحضري وزيادة أنماط الحياة الاستهلاكية في العقود القليلة الماضية، فقدت المياه أهميتها بشكل كبير، وأصبحت المياه، للأسف، تعامل معاملة أي سلعة استهلاكية أخرى. ولذلك فإن هناك ضرورة لإرجاع النظرة السابقة للمياه ورفع قيمتها في مجتمعات العالم المختلفة.

كما يعقد في هذا العام وبالتزامن مع يوم المياه العالمي المنتدى العالمي للمياه بالمكسيك في الفترة من 16 إلى 22 مارس الجاري، ويعتبر المنتدى أكبر تظاهرة عالمية في مجال المياه، ويهدف بشكل عام إلى رفع الوعي بقضايا المياه في جميع أنحاء العالم. ومن المعلوم أن المنتدى العالمي للمياه يعقد كل ثلاث سنوات في إحدى قارات العالم بحضور أكثر من 25 ألف مشارك من وزراء ومسئولي المياه ومنظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالمياه وجمعيات المياه ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة لمناقشة قضايا المياه والخروج بتوجهات وخطط استراتيجية لحل هذه القضايا.

وفي ضوء كل هذه التظاهرات والفعاليات المتعلقة باليوم العالمي للمياه في مختلف أنحاء العالم لرفع الوعي بالمياه في المجتمع ولإنشاء الحوار المطلوب بين أصحاب القرار والمنتفعين من المياه بشأن قضايا المياه، لا يملك المرء إلا أن يتساءل: ماذا أعدت البحرين للاحتفال بيوم المياه العالمي؟ وكيف استفادت من هذا اليوم السنوي في سبيل إنشاء مجتمع موجه مائياً يقدر أهمية الماء ويثمنها؟

أستاذ إدارة الموارد المائية، جامعة الخليج العربي

إقرأ أيضا لـ "وليد خليل زباري"

العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً