مع قهوة الصباح اطرح اليوم بعض نقاط الحوار الذي دار بيني وبين شاب بحريني طموح لكنه ضائع. التقينا وناقشنا بعض الهموم البحرينية. قال لي صاحبي: هل تعتقد أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سيقدم خدمة للمجتمع البحريني؟ قلت له يا سيدي الفاضل، العبرة بالأرقام وليس بالخطب الرنانة. أنا لا ادافع عن المجلس لكن يكفي فيه انه يمثل كل الاطياف. أنا شخص أحب الواقعية ولغة الأرقام. سأضرب لك مثالا ها هنا. الآن مرت سنون طويلة على بناء جامع رأس الرمان الذي يصلي فيه السيدجواد الوداعي - حفظه الله. هذا الجامع يعد من أهم الجوامع الموجودة في البحرين وله دور تاريخي في خدمة المجتمع وكان يمثل اشعاعا تقوائيا لكل البحرينيين. سيدي الفاضل، انت تقول لي هل من مصلحة للمجلس؟ أقول لك: هل تعلم أن المجلس الأعلى سيقوم بهدم وبناء جامع رأس الرمان بكلفة تصل الى المليون دولار تقريباً والموازنة المرصودة هي: 340 ألف دينار. وقد تم الآن اعتماد خطة للمشروع واقرار بالمبلغ. ألا يعد هذا الموقف موقفاً كبيراً وسيكون لصالح المجتمع البحريني ولتكريس الوحدة الإسلامية. أنا متيقن ان الناس سيفرحون لهذا الموقف وهذا الخبر. إذاً لماذا نحن لا ننظر الى هذه الايجابية أليست افضل من ثقافة المقاطعة لكل شيء والحديث في المجالس؟ الناس شبعت من ثقافة (اللاءات) وتعقيد القضايا والحديث في المطلق. الناس تبحث عن أرقام، عن مشروعات، عن خطط عمرانية. عندما يتم بناء جامع رأس الرمان خصوصاً وقد تم اقرار المبلغ سيعرف الجميع أن العبرة في أي مؤسسة بالمواقف وليست بالإنشاءات. نحن أمة يحق علينا أن نسمى بامة اللاءات... نقول: لا وبس لماذا لا نعلم، ولا أحد بلا استثناء عنده استراتيجية كلنا خطاباتنا مثل البورصة صاعدة نازلة والناس ضائعة معنا الله يساعدها! ولا احد يسأل: لماذا لا؟ لماذا دائما الرفض سيد الموقف؟ هذه الامة لا يمكن احتكارها في افراد أو مؤسسات هنا أو هنا ولا أحد يستطيع أن يقول إنه ناطق رسمي عن السنة أو الشيعة أو المسيحيين أو أي ديانة. كل مؤسسة، كل فرد يمثل توجهه الخاص. لكن لا أحد بمقدوره أن يقول: أنا أمثل الجميع. في أي مجتمع عربي هناك عدة خطوط وتوجهات وشخصيات ورموز واحزاب. قال لي وأنت في أي حزب؟ قلت له: أنا لا أمثل إلا نفسي وليس لي وصاية على أحد ولا يحق لي أن انطق باسم الأمة كما أنه لا أحد يستطيع النطق نيابة عنا. أما بالنسبة للمرأة البحرينية فهي أول المتضررات من هوس الاختزال. سنين مرت على المرأة البحرينية تطرد في المحاكم، تظلم بسبب مزاجية بعض القضاة، تلقى في الشارع بلا نفقة ويتم المتاجرة بها هنا وهناك تتكفف الصناديق الخيرية. وإذا طلقت لا ترحم حتى ولو كانت حصلت على منزل الإسكان بسبب مشاركتها في قسط الإسكان مع زوجها ولا أحد يسأل عنها! مئات البحرينيات على شوارع الحزن والالم وظلم الأزواج... هؤلاء ليسوا بقرا، وأقول: على المرأة البحرينية الدخول الى معترك النيابة لتطالب بحقها فكما للرجل أولوية في بعض المواقع فإن لها أولوية في بعض المواقع أيضاً. وإذا دخلت المرأة الواعية للحقوق المسلوبة من المرأة ستفرض وجودها من خلال البرلمان. أضرب هنا مثالا: الاصرار على اشتراك الزوج والزوجة في ملكية الوحدة أو القسيمة السكنية إذا كان الزوجان يشتركان معا في سداد الاقساط المقررة أو في حال موافقة الزوج على ذلك ولو التزم وحده بسداد الاقساط. والحكومة لم تمانع من هذا المقترح وشجعته. وهنا يجب أن نشجع كل أمر يصب في خدمة التوازن بين الزوجين وفق الضوابط الشرعية. لو أقر هذا الأمر كقانون سيكون له الانعكاس الايجابي على الأسر وسيكفل للمرأة البحرينية وأطفالها حياة كريمة ومستقرة في حال الانفصال عن الزوج علما أن الزوج لا يحصل على هذه الوحدة إلا إذا كان متزوجا، وبإمكان الإسكان تخطيط منازل بطريقة تصب في تسهيل هذا الاقتراح خصوصاً أنه لا يتعارض مع الشريعة. عوداً على بدء أقول: يجب استثمار المواقع الإيجابية في أي مجلس مثل بناء جامع رأس الرمان بما يقارب المليون دولار. السؤال: هل ستحسب للمجلس هذه الإيجابية أم ستكون ثقافة اللاءات هي البارزة؟ شبعنا كلاما نريد أرقاما وإنجازات
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ