العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ

المتضررون من العنف

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المتضررون من جر الساحة إلى العنف هم سكان المناطق الذين يفاجأون في المساء بعشرة أو عشرين شاباً يتلثمون ويحرقون إطارات السيارات وحاويات القمامة، ويسدون منافذ القرى ويعرقلون المواصلات على الشارع العام، ومن ثم تأتي قوات الأمن لتفريقهم ورميهم بالغازات المسيلة للدموع.

بعد ذلك مباشرة - وهذا هو ما يحصل في كل مرة - يبدأ أهالي المنازل بالشعور بالاختناقات بسبب الغاز، وتغلق الدكاكين الصغيرة أبوابها، ويتوقف الجميع عن الحركة ويتجهون لغلق الأبواب عليهم.

مساء أمس الأول، كان الحادث أمام مدخل قرية الدراز، وأمام مدخل الجهة الشرقية من بني جمرة... هناك حيث يوجد منزل الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري، الذي يرقد في جزء من المنزل تم تحويله إلى ما يشبه غرفة من غرف المستشفى لرعايته بعد الجلطات المتكررة التي تعرض لها وأقعدته للسنة الرابعة على التوالي... ولدى الوالد ممرض بدوام كامل، فوجئ بالغاز يتسرب إلى غرفة الوالد، وبدأ مع الوالدة بالركض من كل جانب لإغلاق المنافذ للوقاية من ذلك الغاز الذي يؤثر على من لديهم صحة كاملة، فما بالك بمن أصيب بأكثر من جلطة في الدماغ.

منزل أحد الجيران تعرض والدهم لتدهور صحته بعد أن استنشق الغاز المسيل للدموع، وهرعوا به إلى المستشفى... وفي الدراز نقلت سيارات الإسعاف طفلة اختنقت بالغاز، وشخصاً آخر ليست له علاقة بما جرى أصيب أيضاً واحتاج إلى أن ينقل إلى المستشفى...

أحد القراء من الديه بعث رسالة يشكو حال أهالي المنطقة الذين عانوا أكثر من غيرهم، و شرح كيف أن إحراق إشارات المرور يكاد يتسبب في حوادث مرور في كل وقت، وكيف بدأت حياتهم تتأثر سلبياً بكل ما يجري من حولهم من دون أن يكون لهم رأي أو قرار في ذلك.

قارئ آخر اتصل وهو يشكو حال السنابس بسبب ما يجري حولها... والمشكلة أن الفئة المجتمعية التي تعيش في هذه المناطق هي من الفئات المحرومة والمظلومة على مر السنين، والتي تعودت على الأذى، ولكن في هذه المرة فإن الأذى لا يأتيها من السلطة بقدر ما يأتيها من مجموعات أخذت على عاتقها جر الساحة إلى المواجهة مع قوات الأمن مهما كلف الأمر. ولأن النمط العام لهذه المناطق السكنية يتبع المعارضة أساساً، ولأن الرموز والشخصيات التي تصدت لقيادة الساحة تخشى أن تتحدث بموقف صريح تجاه ما يجري، فإن المعاناة مزدوجة.

إنها معاناة انعدام القدرة على تقرير المصير في كل شيء وفي كل جانب، حتى عندما يتعلق الموضوع بمعارضة النظام ذاتها. فأهالي المناطق السكنية ساكتون بانتظار من ينطق... ولكن من يتصدى للوضع حالياً لا ينطق... ومن يتحرك في أي اتجاه يستطيع أن يفعل ما يشاء من دون معاتبة أو حساب حتى لو كانت عواقب ما يقوم به سلبية عليه وعلى أهله. وعليه، فلا خيار للأهالي سوى الصبر... صبر على تداعيات سنوات من الحرمان والظلم، وصبر على استنشاق غازات خانقة تسبب في إطلاقها شباب من بين الأهالي، لا يقدر على ترشيدهم من يتصدى للساحة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً