تحول ما بقي من مقر المقاطعة في أريحا بعد العملية العسكرية الاسرائيلية التي استهدفته أخيراً، الى مزار يؤمه المئات من المواطنين يوميا من شتى أنحاء الضفة الغربية، إذ يتحدثون عن «وحشية الاحتلال الإسرائيلي».
وقال الفلسطيني أيهم حسنين (44 عاماً) من شمال الضفة الغربية: «ما شاهدناه على شاشات التلفزة وما قرأناه هو نقطة في بحر مما نشاهده الآن، إنه فعلاً منظر مؤلم جداً ولم يسلم شيء من وحشية وبطش الاحتلال»، متسائلا: «ما ذنب الشجر والحجر والبشر؟».
وكانت القوات الاسرائيلية اقتحمت ودمرت مقر المقاطعة (مقر قيادة الأمن الوطني في محافظة أريحا) في 14 مارس/ آذار واعتقلت الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات مع عدد من السجناء الفلسطينيين كانوا في سجن أريحا تحت رقابة بريطانية وأميركية.
وبعدما شرح حسنين لأطفاله تاريخ هذا المقر، أضاف «هذا انتقام وليس اعتقالا، وكان بامكان جيش الاحتلال أن يعتقل من دون إحداث هذا الدمار الكبير، فنحن شعب اعزل لا حول ولا قوة له إلا بالله».
من جهته، قال أحد عناصر الأمن الفلسطيني في الموقع «لقد تحول المكان إلى مزار يتدفق المواطنون لزيارته منذ ساعات الصباح حتى ساعات المساء من دون انقطاع، فمنهم من خدم في هذا المقر ومنهم من اعتقل فيه خلال سنوات الاحتلال، ومنهم الشيوخ الذين يذكرون المكان خلال سنوات الانتداب البريطاني، وخلال عهد الأردن ما قبل العام 1967».
من جهته، قال الصحافي فتحي براهمة: «إن الهجمة العسكرية الإسرائيلية التي قامت بها سلطات الاحتلال على مقر المقاطعة وإصرارها على تدميره بهذا الشكل يراد منها تحقيق هدفين».
وتابع «الهدف الأول هو ضرب الذاكرة النضالية الفلسطينية لما يمثله هذا المكان من حال نضالية سياسية، إذ على مدار الحقبات التي حكمت فيها فلسطين شهد هذا المكان سلسلة روايات وقصصا بطولية ضد الاحتلال».
وأضاف «والهدف الثاني نفسي يهدف إلى تحقير وتصغير هيبة السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال إجبار بعض عناصر الأمن الوطني على خلع ملابسهم».
واعتبر أن هذه الممارسات الاسرائيلية انما «تعكس رؤية القيادة السياسية الإسرائيلية لماهية السلام». ويتحلق الفلسطينيون حول عناصر من الأمن يخبرونهم بكيفية حصول الهجوم الاسرائيلي على مقر المقاطعة وكيف تحول بين ليلة وضحاها الى اطلال.
المواطن إياد (31 عاماً) جاء من القدس خصيصا لزيارة الموقع وقال لوكالة «فرانس برس»: «لقد هالني المشهد، وكنت اعتقد أن حجم الدمار اقل بكثير مما شاهدت إلا أن المقر دمر بالكامل، وما رأيناه على شاشات التلفزة دفعني وأصدقائي إلى القدوم لرؤية ما حصل، والكلمات لا تكفي للتعبير عن بشاعة الحادث».
العدد 1290 - السبت 18 مارس 2006م الموافق 17 صفر 1427هـ