كثيرون يتساءلون: هل سينجح المشروع الوطني للتوظيف... هذا الجنين الوطني المتشكل يحتاج الى رعاية وهدوء والى مشيمة عالية الجودة ضد صدمات الصحافة وأنياب المجتمع المدني وأقراص الاجهاض التي يوزعها الكتاب كل صباح لاسقاط الجنين واتهامه بالسفاح.
الوزير طموح ومحاط بخلية نحل بحرينية كفوءة تعمل لكسر عظم البطالة والفوز بعسل التوظيف الذي يراد لدلائه توزيعها على الطوابير المتسكعة على عتبات الوزارات، لكن السؤال: من سيقف ليقدم طوق النجاة إلى جنين يحتاج الى رعاية الجميع، مسئولين وسياسيين ومثقفين وعلماء؟ اعلم ان الحقائق مركبة والحقيقة هي انتاج معرفي مشترك، والذي أعرفه أيضاً أن المشكلات ايضا مركبة ومعقدة ومنها قضية البطالة. وزارة العمل مطالبة بامساك العصا من الوسط مع لوردات التجارة وديناصورات الفري فيزا، بل هي مطالبة بفك رموز وشفرات التحايل الطلاسمية التي يتقنها أرباب نظام المصالح والتي يلعب بها على قانون العمل ومن الجميع. وعلى رغم كفاءة وزير العمل فإن القاعدة مازالت تنشط ذاكرة السلطة والمجتمع: ان وزارة العمل مثل غابة (كين كونك)الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود، فحتى لو امتلك الوزير العلوي مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان فلن يستطيع انقاذ (سندباد) البطالة... قد يحل جزءاً منها لكن ليس كلها لأنه ليس اللاعب الوحيد فيها فلابد من استراتيجية بعيدة المدى. فهل هو المسئول - في ظل العولمة - عن رفع النمو الاقتصادي؟ هل هو المسئول عن تطوير التعليم؟ هل تستطيع الوزارة تركيب ضمائر صناعية لمن يعانون اضطرابا في القلب من أصحاب المصالح كلما حدثتهم عن توظيف مواطن هنا اوهناك أو رفع سقف راتب؟ للوزير - اختلفنا معه أو اتفقنا - بصمات وطنية منها تثبيته لـ 320 بحرينيّاً في الوزارة - ان اسعفتني الذاكرة - وتحويل عقودهم من مؤقتة الى ثابتة وهو الآن يعمل لانجاح مشروع ضخم. هذا المشروع الوطني ألقيت عليه الحجارة قبل ولادته، اشبع ضربا ولكما وعضا ورفسا وهذا خلاف الموضوعية. القاعدة الموضوعية: يجب أن نبارك أي خطوة ايجابية من الحكومة أو المعارضة وننتقد اي خطوة سلبية من الحكومة أو المعارضة. يجب ألا نرسم للمشروع صورة خرافية لأن خريطة التضاريس للملف في غاية التعقيد وهي لا تحل بالشعارات وانما بتعاون الجميع.ان عدد العاطلين في العالم يزيد على 1500 مليون شخص غالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر وفقا لتقرير صادر عن مكتب منظمة العمل الدولية. وصدر تقرير لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع إلى جامعة الدول العربية العام 2004 يقول: ان نسبة العاطلين في البلاد العربية للعام 2010 ستصل الى 25 مليون عاطل. والسؤال: ماذا أعددنا لذلك اليوم؟ لابد من خطة عمل من الحكومة وسياسة تخطيط واستراتيجية ودعم من التجار والمجتمع المدني وكل مراكز القوة من برلمان مشرِّع وصحافة مهنية حرة مسئولة وجامعة ترى احتياج السوق لا ان توزع التمر على مزارع هجر. اذا كانت الهند أتقنت صناعة البرامج الالكترونية والصين فن التصنيع، فالبحرين أتقنت صناعة وانتاج العقول والادمغة الذهبية. عندنا خامات بحرينية بحاجة التى تشجيع. هناك أدمغة بحرينية كفوءة يجب استثمارها ولنا سبق كبحرينيين في غالبية المجالات فيجب ان تدعم كي لا يأكلها شيطان البطالة وهذا مرهون الآن بدعم هذا المشروع الوطني الوليد. هناك عشرون مركزا للتسجيل وذهب إليها غالبية العاطلين، فينبغي على الوزارات دعم الوزير وعلى ديوان الخدمة ان يكون شفافا. المشروع هو خيمة وطنية عمودها تكاتف الجميع والا قد تسقط لا سمح الله. في عالم الايدي المتشققة نحتاج الى مواقف نبوية فالرسول دم البطالة قائلا: «اذا قامت الساعة وفي يد احدكم فسيلة فليغرسها ولئن يحتطب احدكم حزمة على ظهره خير له من ان يسأل احداً فيعطيه أو يمنعه». الرسول على عظمته كان يقبل يد الإنسان العامل. ذات يوم صافح شابا وجد في كفه خشونة غير مألوفة فسأله «ما بال كفيك قد أمجلتا؟ فقال: من اثر العمل يا رسول الله. فرفع الرسول كفيه على ملأ من اصحابه وقبلهما قائلا: كفان يحبهما الله ورسوله». فلندق المسامير في نعش البطالة ولنبحث عن ثقب في جدار الازمة، قد يبزغ أملاً لمواطن بحريني طالما حوّل الرماد إلى ذهب في الفكر والتعليم والانتاجية... لن تسكب سماء البطالة وردا ولا عسلا لكن العاطل يطمح إلى يوم يغسل فيه بمطر التوظيف لتحضنه شمس الوطن وتحدثه عن جمال التراب وعطر العمل وحلاوة النخل الحزين. المشروع جنين لا نريد له ولادة مشوهة كسمكة بثلاث عيون، بل نريد له أن يكون بستاناً جميلاً وكما يقول ويليام بليك: «النحلة العاملة ليس لديها وقت للحزن». ان الله اعطانا الايدي لكنه لم يبن لنا الجسور، والرزق لا يلقى في عش العصفور فلابد له ان يطير بحثاً عنه
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ