تناول خطباء الجمعة أمس موضوعات مختلفة، فمن الوحدة الوطنية وضرورتها، إلى انتقاد أعمال الحرق التي تجري، إلى المسألة الدستورية وقانون أحكام الأسرة وإلى حوادث مجمع الدانة وقيام قوات الأمن بتفريق المتظاهرين بسبب عدم وجود ترخيص للاعتصام، كما حظيت القضية الفلسطينية بجانب من الخطب التي تناولت في مجملها قضايا محلية ساخنة.
تحدث خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق عن الأمن، مشيراً إلى «أنه ما ابتليت أمة من الأمم ولا مجتمع من المجتمعات ببلاء أشد من الخوف وذهاب الأمن، فكم من المجتمعات ابتليت بالخوف، فذهب خيرها ودمرت منازلها، وأزهقت الأرواح، وزادت فيها الأشباح، في مجتمعات مسلوبة الأمن، لا يأمن المرء على ماله ولا أهله، ولا يستسيغ فيها لقمة، الراحة و الأمان حلم يحلم به أهل المجتمع غير الآمن»، موضحاً «أن ذهاب الأمن مصيبة من أكبر المصائب، والبلاد التي ابتليت بهذه المصيبة كثيرة، انظروا إلى العراق وفلسطين وأفغانستان وروسيا، كل هذه البلاد تتمنى أن تنعم بنعمة الأمن»، موجها انتقاد لاذعا وشديد اللهجة إلى ما أسماه زعزعة الأمن من خلال حرق الإطارات وحاويات القمامة. مؤكداً «أنه إذا أراد هؤلاء شيئاً أكثر من هذا فهناك قنوات قانونية يطرقون أبوابها لا بالعنف والتكسير والدمار، يؤذن لهم بالمسيرات فيدمرون الممتلكات، ويعتدون على الناس».
وأضاف توفيق «لقد مرت على الناس أيام ما كانوا يتوقعون أن يكون اسم البحرين اسماً عالمياً وعلماً يرفرف خفاقاً، وما كانوا يتوقعون أن تنعم بلادنا بهذه المباني الضخمة والصروح الشامخة، والمكرمات الملكية، والعيش الكريم، كثير من الحقوق قد منحت، وكثير من التعديلات قد تمت لحماية المواطن، وكثر الخير، ونشرت القوانين التي تحفظ للناس حقوقهم وتقلل من مشكلاتهم كقانون الأحوال الشخصية الذي نأمل أن يرى النور في محاكمنا، وطرح مشروع التوظيف الوطني ولا حجة بعده للعاطلين ومسيراتهم، وكل هذا لم يره هؤلاء، ولم يشعروا بالنعمة وإنما حرصوا على الكفر بها والسعي لمحوها»، مشيراً إلى «أنه لا يوجد بلد ليس فيها نواقص، فالكمال لله تعالى، ولا يدعى أحد الكمال إلا أنقص من حق نفسه وحق الآخرين، ولكن على الحاكم أن يسعى لمصلحة العباد والبلاد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولكن إن لم يتحقق جانب من الجوانب فعلى المسلم أن ينصح».
أوضح خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم أن «الوضع السياسي في البحرين متأزم أمنيا والغيور على وطنه، الناظر في عواقب الأمور لابد أن يتألم لهذا الوضع، ويشتد به القلق على هذا الوطن»، مشيراً إلى «المشكلة بدأت سياسيا والمشكلة السياسية تنبسط بآثارها السلبية على كل الأوضاع، فالتأزم سياسي أولاً ثم أمنيٌّ ثانياً وإنه ليستولي وخصوصاً مع استمرار على كل جنبات الحياة»، مؤكداً أن «الأزمة السياسية بدأت مع المسألة الدستورية واستتبعت بقاء مشكلات قديمة وربما زادت عليها مشكلات مستجدّة، بل الأمر هو كذلك».
وأضاف قاسم انه «وللإنصاف فإن ملف البطالة وله منطلقاته السياسية توفَّر على عناية خاصة أخيراً نرجو أن تكون منتِجة وإن لم يحدث هذا بصورة تلقائية وبشكل مبادَرَةٍ من جانب الحكومة بلا متاعب تحمَّلها الطرفان وسبّبها الموقف الرسمي، كما انه ومما يُمكن أن يذكر لصالح الحكومة الاهتمام بقضية الأرامل والأيتام، والهامش المعيّن لحرية التعبير هنا أو هناك وهو شيء جديد في البحرين، وإن بدأ التضييق يتضح ويشتد في هذا الجانب كذلك»، مردفا «ولقد ألحقت المسألة الدستورية ضرراً كبيراً بالبحرين حكومة وشعباً بما سببته هذه الطريقة من شرخ واضح بين الشعب والدولة بعد لقاء الميثاق بمدة قصيرة جدّاً ونالت من جسر الثقة بما ليس بقليل».
وأشار قاسم إلى «أن باب الحوار كاد في محطة من المحطات أن يعيد القطار إلى السكة من جديد، والأمور إلى نصابها ولا ندري بالضبط لماذا أغلقت الحكومة هذا الباب سريعاً في صورة تبرير افتعالي غير مقبول فعاد الشرخ يتسع، والهوة تتعمق، والأمور تشتدُّ في تأزُّمها»، موضحا «كيف تتباكي الحكومة على ما يسببه الملف الأمني على الحركة الاقتصادية وهي تطرح مسألة أحكام الأسرة على طريق التشريع الوضعي بإدخال هذه المساحة من التشريع الإلهي في المجلس النيابي للتصويت ومن غير الضمانات التي تحفظ شرعيته الإلهية ابتداءً واستمراراً والتي أكّد عليها العلماء، وتجديد هذا الطرح بين آونة وأخرى من غير فاصل كبير مع ما تدركه الحكومة من الحساسية البالغة الصادقة التي يُسبِّبها هذا الطرح لكل الغيورين على أحكام الشريعة وأعراضهم وأنسابهم التي اهتمَّ بها الإسلام». مؤكداً أن ذلك لا يعني سوى خلق الحكومة للأزمات.
من جهته، رفض خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالقفول الشيخ علي سلمان «استخدام القوة المفرطة ضد الاعتصام الذي نظم بالقرب من مجمع الدانة في السنابس للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي حوادث المطار»، مؤكداً «حق المواطنين في التظاهر السلمي».
وأضاف سلمان «علينا في مثل هذه الفعاليات أن نوصل الرسالة التي نقيم الفعالية من أجلها ولا تنجر الفعاليات إلى الإضرار بالمصالح الخاصة والعامة للمواطنين، فمن يقصد الإضرار بالمصالح الخاصة والعامة للمواطنين من أجل تحقيق مكسب سياسي في مقابل السلطة هو سياسي لا يراعي سوى مصالحه وليس له علاقة بالدين»، مشيراً إلى «أن إتلاف الممتلكات الخاصة وضرب المصالح الاقتصادية يرجع بالأثر السلبي على الناس الفقراء الذين يعملون في هذه الأماكن»، منتقدا «عمليات حرق الإطارات في مداخل بعض القرى وإلقاء القمامة في الشوارع وحرق الإشارات المرورية». وتناول سلمان الشأن الفلسطيني ومحاولات أميركا فرض حصار اقتصادي على السلطة الفلسطينية بعد فوز «حماس» في الانتخابات، موضحاً «أنها محاولة للتضييق على الشعب الفلسطيني الذي اختار خيار «حماس» بشكل حر، كما أن موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي شدد على أن تقام الانتخابات الفلسطينية بشكل حر، مشيداً «بموقف كل من المملكة العربية السعودية ومصر في رفضهما إيقاف المساعدات للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، ودعا السلطة في البحرين إلى أن تتخذ موقفا مماثلا».
من جهته، قال خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد بالمحرق الشيخ صلاح الجودر ان «من مقاصد هذا الدين أن تكون أمة الإسلام أمة واحدة كالجسد المرصوص، أمة أساسها الأخوة والمحبة والترابط والتسامح لذلك فإن عظمة هذا الدين قد تجلت منذ أيامها الأولى في أن جمعت الأعداء وألفت بين قلوبهم وأزالت عنهم أحقاد الجاهلية، لقد جاء الإسلام بأعظم من أخوة الخلق والإنسانية، لقد جاء بأخوة الدين وجعل الفرقة والخلاف»، مشيراً إلى «أن أصغر صبي لديكم اليوم يعلم أن مكمن القوة لدى الأعداء أنها في نظرية (فرق تسد) التي ينتهجها بين أبناء الأمة، فتراهم يجندون شباب الأمة تحت كل دعوة ضالة من أجل تمزيق هذا النسيج إذ يعمل بعض من أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا بزرع التفرقة و الخلاف من أجل تعزيز هذا المفهوم وهم لا
العدد 1289 - الجمعة 17 مارس 2006م الموافق 16 صفر 1427هـ