العدد 1288 - الخميس 16 مارس 2006م الموافق 15 صفر 1427هـ

وآتوهم من مال الله

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

يقول عز من قائل «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» (النور: 33) وتلك اشارة من العليم الخبير إلى أن الانسان مستخلف في هذا المال فليس المال ملكه وانما هو وديعة أودعها الله عنده يعتاش به ويعمر الأرض. فليس من داع حقيقي لأسف الانسان وحزنه أو فرحه لحصوله على المال. فهذا المال الذي شقي في جمعه كعنوان لرفاهية الحياة وتحقيق مطالب البدن قبل الروح مسترد منه سواء على هذه الأرض وفي ظل حياته أو عند موته وانتقاله الى بارئه تعالى. فالمال عرض زائل كما هو شأن الحياة جميعاً «وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور» (آل عمران: 185).

فكيف يستطيع الفرد منا أن يجعل من هذا المال سبيله لـ «وجنّة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين» (آل عمران: 133) وكيف يحقق من خلاله ذاته ورفاهيته في الحياة وذلك مطلب عزيز على كل فرد منا؟ لقد بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك حينما قال في محكم كتابه «المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك» (الكهف: 46) اذاً فلا بأس بأن يسعى الانسان إلى تحقيق حياة لينة وسليمة له على شرط ألا يصدّه المال عن ذكر ربه وألا يلهو عن آخرته.

وتلك لعمري مسألة صعبة لا يستطيع فك رموزها الا من كان قلبه سليما قادرا على مجاراة النعمة بالحمد والشكر آناء الليل وأطراف النهار. وما تلك القصة التي تروى في الأثر عن ثعلبة الذي سأل الرسول (ص) أن يبارك له في ماله القليل فحذره الرسول من ذلك لكنه لم ينتصح حتى اذا ملك المال وأتاه رسول من الرسول الكريم (ص) ليأخذ منه الزكاة قال - ما معناه - ان الزكاة أشبه شيء بالجزية. فباء بغضب الله ولعنته، الا دليل على صعوبة الجمع بين حب الدنيا وحب الآخرة، بين حب المال وحب العمل المقرّب لله سبحانه وتعالى.

إذ إن هناك صورتين لا تبرحان الذهن. صورة لأولئك المؤمنين الذين طابت لهم الحياة بكل ملذاتها ومالها وبنوها فلم يأخذوا منها سوى ما يستقوون به على طاعة الله سبحانه وصورة أخرى لأولئك الذين أفنوا أعمارهم في طلب المال حتى اذا جمعوه تحول الى سد منيع صدّهم عن ذكر الله وتسبيحه

العدد 1288 - الخميس 16 مارس 2006م الموافق 15 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً