والله شي غريب... عدد من أعضاء المجلس البلدي يهربون إلى بانكوك... يخبرون غيرهم بأنهم ذاهبون في زيارة رسمية إلى كوالالمبور ومن ثم عائدون... ولكنهم ليسوا «بعائدون»... هم بعد الزيارة الرسمية هاربون... وإلى بانكوك مسافرون... وعن الأنظار مختفون...
أتذكر قديماً في مدينة المحرق... كانت الأغنام تحلب في الصباح الباكر، ثم تخرج من المنازل لكي ترعى في الشوارع وفي الأزقة... تقتات من الأرض ومن براميل الزبالة الكثيرة والمتناثرة... وعند المغرب تتجه الأغنام إلى منزل مالكها ويتم حلبها وربطها في حوش المنزل لتستقر ليلاً... كان الناس بسيطون ومسالمون... والثقة كانت موجودة... ولا أحد يأخذ شيئاً ليس ملكه... وإذا حدث أي نقص في عدد الأغنام الراجعة إلى منزل مالكها فلابد أن تكون هذه العنزة قد ضلت طريق العودة، وذهبت مع قطيع آخر من الأغنام إلى منزل آخر... وطبعاً صاحب الأغنام يعرف غنمه... وإذا رأى واحدة جديدة مع أغنامه يعرف أنها ضالة، ولكنه لا يعرف صاحبها... فيركنها على جنب ولا يحلبها... فقط ينتظر أن يسمع صوت صاحبها الذي ينادي عليها... فيسلمها له...
صاحب العنزة الضالة ومعه أولاده ومعارفه يخرجون للبحث عنها وهم يصرخون بأصوات مسموعة وجهورية ولها نغمة الأغاني: يا من شاف الضالة... عنزة لونها أبيض... ولون بطنها أسود... لها قرون صغيرة... ولها أذون طويلة... بحثهم يستمر في الأزقة حتى يسمعوا من ينادي عليهم ويخبرهم بأن العنزة الضالة موجودة لديه... يأخذونها ويرجعون بها سالمة إلى المنزل...
هذا كان زمان... أما الآن فنحن لدينا عدد من أعضاء المجالس البلدية موجودون في بانكوك... وأنا أنصح من يبحث عنهم بأن يرسلوا لهم المنادي ليبحث عنهم هناك... وعلى المنادي وبعد وصوله إلى بانكوك مباشرة أن يبدأ في اللف على جميع الأزقة، والشوارع، والفنادق، وهو يصرخ بأعلى صوته... يا من شاف الضالة... عضو بلدي أسمر...
طبعاً المنادي سيعجز في البحث عنهم... ولا أعتقد بأنه سيجدهم... أولاً لأنهم مختفون عنه ولا يريدون العودة معه... وثانياً لأنه ينادي عليهم باللغة العربية غير المفهومة للشعب التايلندي... وأنا أنصح المنادي أن يقيم في بانكوك على الأقل لمدة سنة ويتعلم اللغة التايلندية حتى يتقنها... ثم ينادي عليهم باللغة التي يعرفها السكان هناك... وأكيد سيلاقي من يدله عليهم... فيأخذهم ويعود بهم إلى بلادهم سالمين غانمين...
على المنادي أن يخبرنا عن يوم العودة الميمونة... حتى نكون جميعاً في انتظارهم بالمطار... ونصور ونسجل هذا الحدث المهم... ويومها ستصل الطائرة (إذا لم يتم اختطافها مثل الطائرة الكويتية)... وسينزل منها أعضاء المجلس البلدي العشرون ومعهم المنادي... والجميع مرتد اللباس الإفرنجي على الطريقة القديمة... يعني مثل طريقة لباس أبطال مسلسل درب الزلق عندما أرادوا السفر إلى القاهرة... وسيستقبلهم أهاليهم بالزغاريد ورمي المشموم... والصحافيون والمصورون سيتزاحمون عليهم لأخذ السبق الصحافي وعمل اللقاءات معهم... والسؤال الأول سيكون: من أين أنتم قادمون؟ والجواب الجاهز دائماً هو: من العمرة...
القادم من العمرة لابد أن يكون آتياً من مكة المكرمة... ويسمى معتمراً... أما القادم من بانكوك فلا يسمى معتمراً... ولكن يسمى عمري... وعمري أعضاء المجلس البلدي الذين دبروا لأنفسهم سفرة لماليزيا على حساب المجلس... ثم استغلوا الفرصة للذهاب إلى بانكوك... ولابد أن يعلموا أن حسابهم عند عودتهم...
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ