العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ

برزان ليس برجوازياً!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الجلسة الـ 17، من محاكمة صدام وأعوانه من أبطال «الدجيل»، تحوّلت إلى وجبتين، ما قبل وما بعد تناول الغداء! ما قبل الوجبة كان مناورة من برزان، وما بعد الوجبة كان خطبة سياسية لصدام، جدد فيها ذكرياته مع «الميكروفون». المتهمان أضفيا عليها بهارات «دينية»، فربما يصدقهما بعض المغفلين!

قبل يومين نفى زميلهما المتهم «رويد» أن يكون التوقيع على الإفادات يخصه، كما نفى تورطه في الإعدامات بقوله: «أنا مواطن بسيط لم أفعل شيئا»! زميله في القفص «علي دايح» أكّد على براءته أيضاً، فهو لم يشارك في القبض على العوائل أو حفلات التعذيب، فقط سمع عنها! أما زميلهما كاظم فقال: «كنت عضواً غير فاعل في حزب البعث، ولم أشاهد أياً من المتهمين قبل المحاكمة»، نافياً أيّ صلةٍ له بالجريمة!

حتى نائب الرئيس طه رمضان المعروف في العراق بالجزراوي لشدّته في البطش والتنكيل بالعراقيين، نفى أي دور له، «فأنا لم أكلّف بأية مهمة في قضية الدجيل»! وهكذا إذا سارت الأمور ستنتهي جريمة إعدام 148 مواطناً عراقياً إلى التسجيل ضد مجهول! وربما نكتشف أنهم سقطوا ضحايا «الايدز» أو دهساً تحت عجلات سيارة طائشة! الوحيد الذي أثبت شجاعته من أفراد العصابة هو عوّاد البندر الذي اعترف بالجرم، وقال إنه أمر فعلاً بإجراء المحاكمات التي انتهت بالإعدامات وتدمير مزارع الدجيل.

مدير المخابرات الشرس، برزان التكريتي، حاول أن يقنع المشاهدين بأنه لم يكن يتابع القضية أصلاً، فهو لم يأمر باعتقال أحد، ولم يحقّق مع أحد! وطالب بالإفراج عن ابنه المسجون (محمد الأمين) الذي كان يدرس بالخارج، وتعويضه عما لحقه من أضرارٍ ماديةٍ ومعنوية. ووجّه شكره إلى أميرٍ عربيٍّ على تكفّله بنفقات أولاده بعد تجميد أرصدته في الخارج (ولا ندري كيف تجمعت هذه الأرصدة؟ وكم مجموعها؟ وفي أي بنك غربي؟ وهل هي مودعة في بنك واحد أم موزعة على أكثر من بنك!).

برزان أيضاً، طالب بإعادة ما أُخذ من جيبه أثناء اعتقاله: «نقود أميركية (الرجّال ما يتعامل إلاّ بالدولارات!)، بورسلين، ساعة يد (ماشاء الله)، لوحات زيتية (فهو مرهفُ الاحساس وعاشقٌ للفنون)، ملابس، حتى فستان عرس ابنتي نور الهدى أخذوها». ما يستاهل هالمعاملة القاسية، غير الإنسانية وغير الأخلاقية وغير القانونية... حتى الملابس! ما يجوز!

برزان أيضاً نفى أن يكون برجوازياً، فـ «أنا من الطبقة الوسطى»، كل ما جمعه في البنوك من عرق جبينه، وليس لأنه شقيق رئيس الجمهورية! ومع انه غير برجوازي لكنه برئٌ ومظلوم، «والله لن يتخلى عن عبده البرئ المظلوم»، كما قال.

وكما استعطف لنفسه استعطف لأخيه صدام (هاوي بناء القصور سابقاً، الذي شيّد 47 قصراً في 24 عاماً، بمعدل قصرين كل عام، ولو استمر حتى الآن لتجاوز الخمسين!) «فهو لم يخطّط أن يملك أو يتقاعد أو يأخذ إجازة أو يعتزل الرئاسة» (وأي رئيس عربي يفكّر بالاعتزال!). بل انه «لو يخرج من السجن ليس له مال يمكّنه من شراء طعامه... وهذه ليست مبالغة وإنما هي الحقيقة».

برزان اختار أمس آيات قرآنية وكلمات مختارة للإمام علي (ع) تحديداً، ليقنع العراقيين ببراءته وعظمته في هذه المحكمة التاريخية. واستشهد بقوله تعالى: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة»، و«من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»، ولا ندري من هو الفاسق في هذه المحكمة، ومن الذي ينتظر ولم يبدل تبديلاً!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً