كنت أتجول في سوق المنامة القديم، والتقيت أحد الذين يعتمدون في رزقهم على الإعداد لمجالس العزاء «الفواتح» فحييته بالقول: كيف الحال؟ فكان جوابه: السوق ميتة! لم ألمه على جوابه وإن كان في ظاهره تمن بازدياد الأموات، ولكن في جوهره تعبير عن الحال السيئة التي يمر بها، وإذا ما استمرت سوق الأموات بهذا البرود فميت واحد في اليوم لا يكفي، لأن صاحبنا ليس الوحيد الذي يمتهن هذه المهنة، فهناك بحرينيون آخرون ينتظرون حتى يعيشوا!
هذه هي حال البحرينيين، هي حقيقة وإن استهدفتها مدفعية التعتيم الإعلامي، الذي تسانده أقلام الماكياج الكاذب، الذي يحاول تجميل ما لا يجمل! فمرة بتقرير يؤكد أن دخل البحرينيين لا يقل عن 400 دينار، ومرة بدراسة تشير إلى أن أجور البحرينيين تعتبر من أعلى الأجور في العالم، وما إلى ذلك من الادعاءات التي رد عليها صاحبنا بكلمتين «السوق ميتة»!
وزير العمل كشف في مؤتمر صحافي أمس أن أكثر من 33 ألف بحريني تقل أجورهم عن 200 دينار! ويبدو أن «السوق ميتة» ليس في عالم الأموات فقط، بل حتى في عالم الأحياء أيضا! 33 ألف بحريني جائع، هذا أقل ما يمكن التعبير به لوصف هذه الألوف، هذا فضلا عن العاطلين وغيرهم! فأية سوق أكثر موتا من سوقنا المحاطة بأبراج تناطح السحاب، إلا أنها معبأة بغيرنا
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ