العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ

الأفكار العليا وأسرار الكون

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هذا المقال الرابع خاتمة لسلسلة من المقالات عن الروح وعلاقتها بالفكر والجسد، إذ تأثرت بعدة كتب قرأتها أخيراً للكاتب روبرت شرما The monk Who Sold his Ferarriوالآخر Discover Your Destiny. ورحلة الروح لمايكل نيوتن، كلها تعالج الأفكار العليا والذات الداخلية للإنسان وأسرارها، وان الحياة ما هي إلا رحلة قصيرة من رحلات الدنيا ومحطة في الزمان، ويخيل لنا أنها طويلة لكنها في الحقيقة هي لحظة من لحظاته. وكيف أن الروح هي الجزء الأكبر والمسيطر على الإنسان وتصرفاته، وهي تسمو وتنمو بمرور الزمن وحينها يكون الجسد ضعف وتضاءل. وأن رؤية الإنسان تزداد وضوحاً بتقدم العمر ويرى الفضائل ويحاول أن يكون صالحاً ويستغفر ربه أكثر بكثير من أيام شبابه.

وقوة الروح تزداد مع البعد عن الماديات والضوضاء والضجيج، وبممارسة الصلاة والتأمل والنظر إلى الذات عن قرب، وتختلف طقوس الصلاة بين الأمم في عدد المرات أو الزمان والمكان ولكن الشيء المؤكد أن الإنسان لا يستغني عنها لما في داخله من توجهات روحانية ملحة، وهي آحد المعالم الأساسية للحضارة الإنسانية. ومع تحليل الروح علمياً أثبتت الدراسات أن الروح تعلو وتسمو في حال التوحد أيضاً مع الخالق وعند الصلاة والتأمل، فينشرح القلب وتقوى عزيمة الإنسان وتتحسن حالته النفسية، ويقاوم جسمه الكثير من الأمراض. وإن ضرورة الابتعاد عن الماديات الحياتية وضجيج الأماكن المزدحمة وضوضائها، لأنها تبعد الإنسان عن روحه. وكذلك الابتعاد عن الآلام التي تسببها أفلام الرعب ومسلسلات القتل والعنف لأنها تخترق روحه وتتسبب بجروح تؤدي إلى ابتعاد البشر عن ذواتهم وتقسي قلوبهم وتزيد من شراستهم، ويصبح جسداً خاوياً من الروح. أما انتقال الروح بعد خروجها من الجسد فيفسره العلم الحديث بأن الروح تذهب إلى العالم الاثيري (البرزخ)، وهو عبارة عن الفراغ الموجود بين الأرض والسموات، وبإمكان الروح النفاذ داخل كل الفراغات والأجسام الصلبة مهما كانت صلابتها. وتحكم الروح حين انتقالها قوانين خاصة، وتقابل الأرواح المتشابهة وتحافظ على الصفات العقلية التي كانت تلازمها في الحياة. كما يتسم العالم الاثيري بالعلانية في جميع التصرفات واستحالة إخفاء أي نوع من الخبث والخديعة كما يحدث في الأرض، والسبب أن ملكة قراءة الأفكار تحدث عن بعد عن طريق الموجات (التليباتي)، وهي الوسيلة الوحيدة للتعامل، وبذلك يصعب وجود المنازعات. وتتحرك الأرواح أيضاً في عالمها الاثيري بذبذبات خاصة، وقد تظهر أحياناً في العالم الأرضي لأسباب نجهلها ولكنها تتأثر بالضوء القوي، لذلك فهي تظهر في الضوء الخافت أو الليل.

وماذا بعد؟ قد تتوافر لدى الإنسان السلطة والثراء الوفير لكنه غير سعيد أو راض عن حياته وشعوره ناقص مهما فعل، فالبعد عن الذات لا يعوضه مال ولا سلطان، والسعادة الروحية لا تشترى بأموال الدنيا كلها. ان التقرب للذات والروح يلزمه الجهد والتواصل لاختراق ذلك العالم العجيب الخفي والمليء بأسرار الكون، ودائماً وأبداً يبقى البحث والتحليل والعلم والقراءة التي تضيف النكهة الجميلة والمحببة إلى الحياة والى معرفة عالم الغيب والمجهول!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً