حوادث مجمع الدانة أصبحت آخر حلقة من سلسلة من الحوادث المتتابعة التي ربما ترتبط بما سبقها من حوادث من ناحية، ولكنها تنفصل من نواح أخرى. فمن ناحية لابد من الإقرار بحق أية جهة في أن تعبر عن رأيها سلميا وبحسب ما تنص عليه مواثيق حقوق الإنسان التي ستصبح عما قريب جزءا من منظومة القوانين المحلية بعد أن يعتمد البرلمان العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولكن من ناحية أخرى، فان البحرين أصبحت الآن محط أنظار دول الجوار والمراقبين المهتمين بتطور التجارب الديمقراطية، وهناك من يقول إن الانفتاح السياسي يؤدي إلى عرقلة مشروعات الاقتصاد والتنمية، بينما تصر آراء أخرى على أن الانفتاح السياسي يدعم الاقتصاد.
فئات المعارضة أمام محك حقيقي، فهي التي ضحت من أجل أن تنعم البحرين بهامش الحرية الذي فسح المجال أمام الكثير من النشاطات الاجتماعية والسياسية التي لا تتوافر في أكثر بلداننا العربية. فلو استثنينا لبنان الذي يتمتع بوضع خاص، فان الدول الأخرى التي تتقدم على البحرين سياسيا هما المغرب والكويت. ولكن في الكويت لا يوجد شارع سياسي وشعبي كما هو حال البحرين، ولذا فان المقارنة ليست دقيقة، والمغرب يقع في أقصى غرب العالم العربي، وحجمه الجغرافي والسكاني يجعل المقارنة مع البحرين أيضا صعبة. ولذا فاننا بحاجة إلى ان نقارن وضعنا بما كنا عليه في الماضي وأن ننظر إلى المستقبل، ونصل إلى توافق نحفظ من خلاله مكتسبات التجربة، ونسعى إلى تطويرها في اتجاه المزيد من الحريات التي تنعش حياتنا العامة ولا تضر وضعنا الاقتصادي.
حوادث مجمع الدانة تدعونا إلى التفكير بجدية في عدد من الأمور، فبعض من تضرروا من كبار المؤسسات وهذه قد تتحمل بعض الخسائر من المظاهرات، ولكن عددا كبيرا من الذين تضرروا هم أيضا من صغار التجار الذين يترزقون بالاعتماد على حركة التسوق التي ازدادت في البحرين في الفترة الأخيرة لعدة أسباب. فهل من مصلحة أية جهة، سواء كانت الحكومة أو المعارضة، أن يتم اتهامها بأنها ضد تنشيط الاقتصاد؟
الجمعيات السياسية والتي هي فعلا أحزاب تمثل اتجاهات داخل مجتمع البحرين يمكنها ترشيد الساحة، وحتى الاعتصامات التي تخرج في أوقات أو مناطق حساسة تحتاج إلى سياسة تدعم قضايا المعارضة وكذلك لا توفر فرصة لكي تتهم بأنها لا تهتم بالاقتصاد الوطني... فالكل متضرر لو خنقت الحريات، كما أن البحرين ومن فيها يتضرر إذا ساءت الظروف الاقتصادية
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ