تحدثنا بالأمس عن إيجابيات استضافة البحرين لحدث الفورمولا 1 بالنسبة إلى الاقتصاد البحريني، بيد أنه لا يمكن إنكار وجود بعض السلبيات التي تشوب الحدث الرياضي. وتتمثل السلبيات في الممارسات غير الأخلاقية لبعض الزوار، إضافة إلى بقاء البعض الآخر في البلاد بصورة غير شرعية فضلاً عن المساهمة في الزحام المروري.
أولاً - الممارسات غير الأخلاقية: حقيقة لا يمكن إنكار قيام بعض الأجانب بالاستفادة من منح الحكومة لتأشيرات دخول ميسرة أثناء استضافة الحدث للمجيء إلى بلادنا لممارسة عادات غير مقبولة، وخصوصاً الدعارة. يبقى أنه لا تتوافر لدينا أرقام معتمدة عن الزيادة النسبية فيما يخص الممارسات غير الأخلاقية أثناء هذا الحدث. على كل حال هناك جهات حكومية ومجتمعية أخرى مسئولة عن انتشار هذه الظواهر المرفوضة، وفي مقدمتها وزارة الإعلام. وللتدليل على ما نقوله نذكر القراء بما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 بخصوص شئون السياحة في وزارة الإعلام. فقد أشار التقرير إلى أخطاء مرفوضة، إذ تبين أن 75 في المئة من المنشآت السياحية في البلاد (327 من أصل 434 منشأة) تعمل من دون تراخيص صالحة. كما رصد التقرير مخالفات صريحة مثل تحويل بعض المطاعم إلى مراقص، فضلاً عن تجاوزات أخرى مثل قيام بعض المطاعم السياحية بتأجير جزء من المطعم من الباطن وتحويل الطابق العلوي إلى غرف نوم.
بمعنى آخر، تكمن المشكلة عندنا في فشل وزارة الإعلام في محاربة الظواهر السلبية الموجودة في الفنادق والأنشطة السياحية عموماً. وعليه، من غير الصواب توجيه اللوم بالكامل إلى حدث الفورمولا 1.
ثانياً - بقاء بعض الأجانب بصورة غير قانونية: بحسب الوكيل المساعد للجنسية والجوازات والإقامة الشيخ أحمد بن عيسى بن خليفة آل خليفة فقد تم منح 10 آلاف تأشيرة دخول إلى البحرين أثناء الفورمولا 1 في العام 2005 (لا تتوافر لدينا حتى هذه اللحظة إحصاءات العام 2006). استناداً إلى ما نشر في وسائل الإعلام في العام 2005 فإن بعض الزوار فضلوا المكوث في المملكة بعد انتهاء الحدث الرياضي، الأمر الذي يؤكد استغلالهم للمناسبة لتحقيق أغراض أخرى. والمعروف أن زوار الفورمولا 1 يحصلون على تأشيرة دخول مجانية لمدة أسبوعين، بشرط توافر تذاكر الدخول للمسابقة. كما أن بمقدور رعايا أكثر من 30 دولة الحصول على التأشيرة عند نقطة الدخول إلى البلاد، ما يعني عدم الحاجة إلى الحصول على تأشيرات مسبقة. وتضم هذه المجموعة عدداً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فضلاً عن اليابان وأميركا وتايلند.
لكن من الصواب توجيه التقصير إلى وزارة الداخلية في عدم ملاحقة من يبقون عندنا بصورة غير شرعية. أيضاً لا يوجد ضير من الاستشهاد بتقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 بخصوص تجاوزات وزارة الداخلية، فقد نبه التقرير إلى وجود تصرفات غريبة، مثل اعتماد بعض الدوائر نظام السجلات اليدوية لتدوين الإيرادات ما يفتح المجال أمام وقوع بعض التعقيدات مثل صعوبة إعداد التقارير وغيرها من الأخطاء. أيضاً لاحظ التقرير عدم جود ربط بالضرورة بين الجهات المختلفة في الوزارة مثل الشئون المالية والمشتريات والموارد البشرية. إذاً، المشكلة في وزارة الداخلية.
ثالثاً - الازدحام المروري: بحسب الوكيل المساعد للجنسية والجوازات والإقامة فإن 37 ألف شخص يستخدمون الجسر يومياً (ذهاباً وإياباً). لكن الرقم ازداد إلى 60 ألف شخص خلال أيام المسابقة في العام 2005، وبقدر ما تمثل هذه الأرقام مصدر فخر واعتزاز فهي تضاف إلى مشكلة الازدحام المروري. واستناداً إلى الأرقام الرسمية هناك فإن 230 ألف سيارة في البحرين (يرتفع العدد بنحو 200 سيارة جديدة شهرياً). المؤكد أن البحرين تعاني أصلاً من مشكلة الزحام، كما جاء في دراسة لمركز البحرين للدراسات والبحوث بخصوص جانب من القطاع السياحي، إذ أشارت الدراسة التي نشرت العام 2005 إلى أن 62 في المئة من السياح يرون أن البحرين تعاني من مشكلة الزحام المروري وخصوصاً عند الدوارات والتقاطعات والإشارات المرورية.
ختاماً، من المؤكد أنه من الممكن القضاء على هذه السلبيات في حال توافر الإرادة لدى الحكومة وخصوصاً ما يتعلق بوزارتي الإعلام والداخلية. يبقى في المحصلة، أن إيجابيات استضافة البحرين الحدث الرياضي أكثر بكثير من السلبيات.
مستشار اقتصاديئ
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ