قرر رئيس المحكمة الجنائية العراقية المختصة بمحاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين وسبعة من معاونيه في قضية مقتل 148 شخصا في قرية الدجيل، تحويل جلسة المحاكمة التي عقدت بعد ظهر أمس للاستماع الى إفادة صدام الى جلسة سرية ومغلقة بعد اتهامه بإلقاء خطبة سياسية وليست إفادة في قضية جنائية. ميدانيا اغتال الجيش الاميركي أمس 11 شخصا من أسرة واحدة.
وحدثت مشادة كلامية بين رئيس المحكمة وبين صدام قبل تحويل الجلسة السابعة عشرة الى «سرية ومغلقة» كما حدث صخب كبير عندما تدخل أعضاء هيئة الدفاع للدفاع عن موكلهم صدام، فما كان من القاضي رؤوف عبدالرحمن الا ان هددهم باعتقالهم بتهمة الإخلال بنظام المحكمة والتشويش عليها. وقد رد صدام بعنف على رئيس المحكمة عندما حاول الأخير ثنيه عما وصفها بالخطبة السياسية موجها كلامه للقاضي قائلا «لولا الاميركان ما كنت أنت ولا أبوك جالسا في هذا المكان». ورد رئيس المحكمة بشدة قبل ان يأمر بتحويل الجلسة التي قطع الصوت عن مجرياتها عدة مرات الى سرية. ووصف صدام محاكمته بأنها «مسرحية ملهاة». وكان صدام الذي ارتدى بزة غامقة وقميصا ابيض من دون ربطة عنق كالمعتاد، قد استهل حديثه واصفا المحاكمة في القضية بأنها «مسرحية ملهاة لصدام ورفاقه». وقال بلهجة لا تخلو من التحدي انه «قائد الشعب العراقي ورئيس العراق والقائد الأعلى للقوات المسلحة ومازلت على العهد. انها مسئولية أخلاقية وشرف وواجب تجاه الشعب والوطن وامتنا المجيدة».
وأمر القاضي، خلال الجلسة الصاخبة التي قطع فيها الصوت بشكل متعمد عدة مرات خصوصا عندما تناول صدام في مرافعته الولايات المتحدة وغزوها للعراق العام 2003 وما أعقب ذلك الغزو من تداعيات، بخروج الصحافيين والإعلاميين من قاعة المحكمة من دون ان يقدم تبريرا لهذا الإجراء. وقد اتهم صدام في مرافعته التي غلب عليها الطابع السياسي دولة مجاورة للعراق، لم يسمها غير انه يعتقد انها إيران، بأنها وراء ما وصفه بالشر المستطير الذي كان يأتي إلى العراق آنذاك أي في حقبة الثمانينات من القرن الماضي. وقال صدام «ان أكثر ما يؤذيني ما سمعته عن شعبي أو ما نسب إليه من تفجير قبة الإمامين علي الهادي والحسن العسكري أو من تدمير المساجد»، واضاف انه لم يكن يفرق بين أطياف الشعب العراقي وانه كان «يستند إلى الحق والعدل». وكانت المحكمة الجنائية قد استمعت صباح أمس الى أقوال رئيس جهاز المخابرات العراقية السابق الأخ غير الشقيق لصدام برزان ابراهيم ولم تخلو الجلسة كالعادة من مشادات وصخب بين القاضي من جهة وبين المتهم برزان من جهة ثانية. وقرر رئيس المحكمة بعد انتهاء أقوال برزان تأجيل المحاكمة لمدة نصف ساعة للاستراحة. واتهم برزان القوات الاميركية بانتهاك حقوق الإنسان وذبح الديمقراطية في العراق. وقال برزان في إفادته للمحكمة «ان أميركا انتهكت حقوق الإنسان وذبحت الديمقراطية في العراق وقتلت ما يزيد على 60 ألف عراقي منذ غزوها العراق». وطالب بإطلاق سراحه فورا بسبب إصابته بمرض السرطان. واعترف بأن صدام قد أخطأ، واصفا خطأه بأنه «أمر طبيعي»، لكنه أشاد بما وصفه «إنجازات كبيرة» قال انه حققها خلال فترة حكمه للعراق. وقال إن الأخطاء التي وقع بها صدام كانت بسبب «غياب الرجال المخلصين» من حوله. وقال «إن التحقيق الذي أجراه الاميركان معي كان وكأني الرئيس الفعلي للعراق اذ كانوا يسألوني عن مكان إخفاء أسلحة الدمار الشامل وعن مصير 36 مليار دولار قالوا إنها تمثل ثروة صدام الشخصية». هذا وأعلنت المحكمة أخيرا تأجيل الجلسات الى الخامس من ابريل/ نيسان المقبل. ميدانيا قالت الشرطة وشهود ان 11 فردا من أسرة واحدة قتلوا في غارة اميركية أمس. وقال الجيش الاميركي ان سيدتين وطفلا قتلوا في الغارة التي كانت تستهدف اعتقال احد ناشطي«القاعدة» في منزل. وأظهرت لقطات تلفزيونية11 جثة لخمسة أطفال ورجلين واربع سيدات في مشرحة تكريت. وفي وقت لاحق شاهد مصور حر الجثث أثناء دفنها في بلدة اسحاقي شمالي بغداد حيث شنت الغارة. على صعيد متصل أعلنت مصادر أمنية عراقية مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 25 آخرين بجروح في أعمال عنف متفرقة. كما قتل جنديان أميركيان في معارك وقعت بمحافظة الانبار يوم الاثنين الماضي.
من جهته أفاد مصدر في هيئة علماء المسلمين أمس بأن مسلحين اغتالوا عضو الهيئة إمام وخطيب مسجد «نبي الله موسى» الشيخ حسين تركي عمير الاوسي في بلدة المقدادية بمدينة بعقوبة، في وقت أفاد فيه مسئول عسكري اميركي ان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) تعتزم استقدام قوات يتراوح عددها بين 700 و800 عنصر من الكويت الى العراق لتعزيز الأمن بمناسبة أربعينية الإمام الحسين(ع).
في غضون ذلك ذكرت وزارة الدفاع العراقية في تقريرها الأسبوعي أن عدد الهجمات التي استهدفت القوات العراقية والمتعددة الجنسية الأسبوع الماضي بلغت533 هجوما، استهدف 152 منها القوات متعددة الجنسية.
العدد 1287 - الأربعاء 15 مارس 2006م الموافق 14 صفر 1427هـ