في البداية لابد أن أوضح أن هذه ليست دعاية انتخابية لأحد المترشحين لرئاسة جمعية المهندسين البحرينية... صحيح أن الأخ العزيز المهندس مازن العمران مترشح قوي ومن الممكن أن يفوز بسبب برنامجه الانتخابي... ولكن الصحيح أيضاً أن منافسه في الانتخابات على كرسي الرئاسة هو المهندس القدير محمد السيد الذي هو الرئيس الحالي للجمعية، إضافة إلى منصبه الحكومي في وزارة الأشغال والإسكان...
أنا أقف مع المهندس مازن العمران في هذا الصراع الانتخابي على رئاسة جمعية المهندسين البحرينية... والسبب الرئيسي في وقوفي معه... ومساندتي له... هو ليس عدم تقديري ومعزتي للمهندس محمد السيد الذي ينافسه في الانتخابات... وإنما لقناعتي بأن الموظف الحكومي... وخصوصاً صاحب المناصب الكبيرة في الدولة... يجب ألا يتدخل (لا من قريب، ولا من بعيد) في انتخابات الجمعيات الأهلية... أو المهنية...
الواقع يقول بأني لا أعرف جمعية المهندسين... ولم أدخلها قط... ولا أعرف أعضاءها، أو أعضاء مجلس إدارتها... ولأني مهندس عسكري فإنه ليست لي علاقة مهنية مع المهندسين المدنيين سوى الصداقة والمعرفة... وعندما أفضل شخصاً على آخر في انتخابات ديمقراطية فذلك نابع من حس وطني... لا أكثر، ولا أقل...
محبة الوطن تأتي في مقدمة أولويات المسئولين في بلادي... ومن محبة الوطن ينبع حب المواطن وتقديره... ومن التقدير والمراعاة للمواطن أنشأت الجمعيات التي تراعي مصالحه... جمعيات مختلفة، منها الخيرية والدينية والسياسية والايديولوجية والتجارية والمهنية... وأنا في رأيي الشخصي... والذي دائماً ما أتمسك به... هو أن هذه الجمعيات لابد وأن تكون لها إدارات برئاسة أهلية ومستقلة... يعني بعيدة عن السيطرة الحكومية...
إذا كان كل وزير... أو وكيل وزارة... أو وكيل وزارة مساعد... يتسلم رئاسة جمعية وبالخصوص عندما تكون مهنية... فإنه (ومع الأسف) ستكون هذه الجمعية تابعة للوزارة بالكامل... هي مع أعضائها وموظفيها... ومسيطر عليها لدرجة تكميم الأفواه... وعلى أعضائها أن يقبلوا بالفتات من حجم العمل المعروض عليهم (مهنياً) من قبل الوزارة المنتمي إليها سعادة الرئيس... ولا يمكنهم أن يتقدموا له بأي احتجاج ضد هذه الوزارة، لأن المتهم هو نفسه القاضي الذي سيفصل في القضية... وليس بغريب أن يكون السائق الذي يعمل في الجمعية مساءً، هو نفسه الموظف في هذه الوزارة صباحاً... راتب من الوزارة، وراتب من الجمعية، وراتب ومكافآت خاصة من رئيس الجمعية لنقله ما يدور بين الأعضاء... يعني جاسوس...
أنا لا أقول إن الموظف الكبير في أي من وزارات الدولة يستغل منصبه في الانتخابات التي يترشح لها لرئاسة أي من الجمعيات... ولكني أقول إنه من المفترض عليه أن ينأى بنفسه عن الدخول فيها من الأساس... لأن حتى فوزه النظيف بمنصب الرئاسة سيكون فيه الكثير من الشك حول استغلال مركزه... مع أنه نزيه وفوزه جاء عن طريق انتخابات ديمقراطية... ولكن الموظف الكبير لا يحتاج أن يجلب لنفسه المتاعب... هوكبير بمركزه الحكومي، فماذا يحتاج أكثر من ذلك؟... وطبعاً هذا الكلام ليس موجها إلى الأخ المهندس محمد السيد... ولكنه موجه لجميع الموظفين الكبار... أصحاب المناصب... والذين يريدون إضافة لعملهم الدخول في انتخابات لجمعيات أهلية...
في الانتخابات... يختلط الحابل بالنابل... وكل مترشح يستخدم الأسلحة القانونية في طرح برنامجه الانتخابي، وفي التعريف لطريقة تنفيذه لهذا البرنامج إذا تم التصويت له وفاز في الانتخابات... ومع ذلك فإن بعض المترشحين يضربون تحت الحزام أحياناً... ويستخدمون الأسلحة غير القانونية (وما أكثرها)... وذلك بإبراز نقاط ضعف المترشح المنافس لهم... والتركيز على الأمور السلبية في مجمل حياتهم العملية... الوظيفية والتطوعية... وهذا ما يجب أن يتحذر منه الموظفون الكبار في الدولة...
هي عملية نشر الغسيل... صحيح بأن غالبية المترشحين لا يلجأون لها في الانتخابات... ولكن من يضمن؟... كلمة من هنا، وكلمة من هناك... ثم يبدأ إخراج المستور... القليل منه فقط يكون صحيحاً والكثير منه على المتضرر أن يثبت العكس... هذه هي الانتخابات التي ننصح كل من في المسئولية الحكومية بالابتعاد عنها...
لذلك أنا أقولها... بأني دائماً وأبداً سأكون مع المترشحين المستقلين لرئاسة جميع الجمعيات الأهلية... وضد المترشحين الذين لديهم المناصب الحكومية الكبيرة...
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1286 - الثلثاء 14 مارس 2006م الموافق 13 صفر 1427هـ